وإن سلمنا أن المعلم المعصوم هو الإمام ، ولكن متى تحصل المعرفة بقوله إذا عرفت عصمته ، أو اذ لم تعرف الأول : مسلم. والثانى ممنوع.
وعند ذلك فمعرفة عصمته : إما أن تكون بمجرد قوله ، أو لا لمجرد قوله.
الأول : محال ، إذ ليس تصديقه فى دعواه العصمة ، بمجرد قوله ، أولى من تصديق غيره.
وإن كان الثانى : فلا بدّ من معرّف آخر ؛ ويلزم منه إبطال القول بأنه لا معرّف إلا قول الإمام المعصوم.
وإن سلمنا [أن] (١) معرفة عصمته بمجرد قوله ؛ ولكن إنما تحصل المعرفة بقوله بتقدير ظهوره ، وأما بتقدير اختفائه فلا ، والإمام عندهم غير ظاهر ؛ ويلزم أن لا يكونوا عارفين بالله ـ تعالى ـ ؛ بل جاهلين به ؛ لعدم تعريف الإمام لهم.
وأما قوله ـ تعالى : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) (٢) فقد سبق جوابه فى عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام (٣).
وأما قوله : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٤) فغايته أنه أمر بطاعة أولى الأمر ؛ وليس فيه / ما يدل على عصمتهم (٥).
قولهم : لو لم يكونوا معصومين ؛ لكنا مأمورين بطاعتهم فيما هم مخطئون فيه ؛ وهو محال ؛ فهو باطل بأمرنا بطاعة القاضى ، والأمير المنصوب من جهة الإمام ، وكذلك أمر العبد بطاعة سيده ، والزوجة بطاعة زوجها ؛ فإنه جائز من الله ورسوله بالاتفاق ، وإن لم يكن المأمور بطاعته فى هذه الصور كلها معصوما.
__________________
(١) ساقط من (أ)
(٢) سورة البقرة ٢ / ١٢٤.
(٣) انظر القاعدة الخامسة ل ١٧٥ / ب وما بعدها.
(٤) سورة النساء ٤ / ٥٩.
(٥) انظر تفسير الآية الكريمة فى تفسير الرازى ١٠ / ١٤٨ وما بعدها.