هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) [البقرة : ١٨٥] ، ويقول سبحانه بعد ذكره لشهرها ، وما جعل الله فيها من بركتها ويمنها ، (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣) فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤) أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٥) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦)) [الدخان : ٣ ـ ٦] ، فهي ليلة بركة ورحمة ، وسلامة وعصمة ، وفيها ما يقول أرحم الراحمين ، ورب السماوات والأرضين : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (٥)) ، وتأويل (سَلامٌ) ، فهي : سلامة هي حتى طلوع الفجر ، فليلة القدر ليلة سالمة مسلمة ، ليس فيها عذاب من الله تبارك وتعالى ولا نقمة ، جعلها الله بفضله (١) بركة وسلامة ، ورحمة للعباد إلى الفجر دائمة ، ولحقّ الليلة نزّل الله فيها وحيه وقرآنه ، وفرّق برحمته فيها فضله وفرقانه ، بالبركة والتفضيل ، والإعظام والتجليل.
وتأويل (وَما أَدْراكَ) ، فهو : ما يدريك ، لو لا ما نزلنا من البيان فيها عليك ، (ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢)) في القدر والكبر ، وما يضاعف فيها لعامله من البر والأجر ، فهي ليلة (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) ، جعلت لبركتها ويمنها ، في التضعيف لها ، والأضعاف كعشرة آلاف ليلة ، وعشرة آلاف ليلة ، وعشرة آلاف ليلة ، فذلك ثلاثون ألف ليلة ، ونحوها تامة ، جعلت مقدارا مضاعفا لليلة القدر تشريفا لها وكرامة ، وهي ليلة مقدسة يضاعف فيها كل بر وعمل صالح لمن عمل به فيها من أهلها ، فيزاد على تضعيفه من قبل ثلاثين ألف ضعف لقدرها وفضلها ، ونحمد الله في ذلك وغيره رب العالمين ، على ما أنعم به من ذلك الله خير المنعمين (٢).
__________________
(١) في (أ) : لفضلها.
(٢) عن أبي خالد عن زيد بن علي عليهماالسلام في قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) معناه : في ليلة الحكم ، وقوله تعالى : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها) معناه : جبريل عليهالسلام ، وقوله تعالى : (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ) معناه : يسلم من كل أمر ، معناه : من كل ملك. تفسير الغريب / ٣٩٨.