ليدحضوا به حقهم ودينهم ، ويعارضونهم فيه بزخرف القول ليوهنوا به علمهم ويقينهم ، فبعلم من عليم ، وتقدير من حكيم ، ما نهاهم (١) الله عن موالاتهم ومخالّتهم ، ومنعهم من مجاورتهم ومحالّتهم.
وفي ترك مقاربتهم (٢) وإيجاب مجانبتهم ، وما أمر الله به الرسول صلى الله عليه والمؤمنين من مهاجرتهم ، ما يقول الله سبحانه لرسوله ، صلى الله عليه وعلى آله : (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَذَكِّرْ بِهِ) [الأنعام : ٧٠] ، يقول سبحانه بمهاجرتك لهم ، ففيها تذكير لمن يعقل منهم ، إن أبصر هداه ورشده ، أو كان شيء من الخير عنده ، ولا تجلس معهم ، ولا يجمعك من المقاعدة ما يجمعهم ، إذ كانت مقاعدهم مقاعد لهو ولعب واستهزاء ، فإن ذلك إذا كان كذلك يمنعهم من الذكر لما تذكّرهم به من الأشياء ، وفي تركك لهم وإعراضك عنهم ، ما فيه تذكير لمن عقل منهم ، ولم يذر الظالمين من جاورهم ، وحلّ وسكن دارهم.
وفي جدالهم ، وزخرف أقوالهم ، ما يقول سبحانه : (وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً) (٥٦) [الكهف : ٥٦].
وفي من ذكّر بآيات الله فلم يذكر ، وبصّر نورها فلم يبصر ، ما يقول الله لا شريك له: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً) (٥٧) [الكهف : ٥٧].
[وعيد الله للمعرضين]
ثم أخبر سبحانه عن اغتماده واغتفاره (٣) الذي هو احتماله ، وعفوه وتغمده ورأفته
__________________
(١) في (ما) زائدة لتحسين الكلام.
(٢) في (أ) : مقارنتهم.
(٣) في (ب) و (د) : اعتماده (تصحيف). وسقط من (أ) و (ب) و (د) : واغتفاره.