(٤٦)) [الحج : ٤٦] ، أن لا يبصر ما فصّل الله في هذا الباب من الأمور.
فنقول : إنما نزلت نقم الله وعذابه ، وحل تدميره وعقابه ، على من أشرك به ، ولم يقرّ بربه ، فأما نحن فمقرون ، وأولئك كانوا يكفرون ، ففي قول من قال ذلك لمن يعقل عجب العجب ، لما فيه على الله من الافتراء والكذب ، أو لا يرى (١) من زعم ذلك وقاله ، وزيّن له فيه مقاله ، أن الله سبحانه عذّب قرية أهل الاعتداء في سبتهم ، على ما ركبوا فيه وما مسخهم الله به (٢) من معصيتهم ، التي لم يخلطها منهم لله ولا لشيء من دينهم إنكار ، ولم يأت لشركهم (٣) في مسخ الله لهم بمعصيتهم من الله ذكر ولا إخبار ، بل إنما عظّم الله سبحانه (٤) عصيانهم ، وذكر في سبتهم عدوانهم ، لإقرارهم فيه على أنفسهم بالتحريم ، ولما كانوا عليه للسبت من التعظيم ، وبتعظيم الله له وتعظيم رسله عندهم في دينهم عظّموه ، وبما حرّمت عليهم رسل الله حرّموه.
ولو كان لا يهلك ، إلا منكر أو مشرك ، (٥) كان ما ذكر الله من إهلاكه للقرى بالعدى والظلم ، (٦) تلبيسا شديدا وحيرة (٧) في الفهم والعلم ، لا يخاف الهلكة معه ظالم ولا مفسد ، ولا طاغ مقر ولا متمرد ، بل كان كل من فسق وظلم ، وطغى وتعدى وغشم ، آمنا للغير والنقم ، في كل فسق وجرم.
وإنما الشرك ضرب من ضروب الفسق والظلم ، خصه الله بخاصة من الكبر والعظم ، كما قال لقمان عليهالسلام : (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (١٣) [لقمان : ١٣] ، فخصه لقمان بما خصه الله (٨) به من التعظيم ، وكل كبيرة
__________________
(١) في (أ) و (ج) : ألا يرى.
(٢) سقط من (أ) : به.
(٣) في (ب) و (ج) : بشركهم.
(٤) سقط من (أ) و (ج) : سبحانه.
(٥) في (ب) و (د) : إلا مشرك أو منكر (مقلوب).
(٦) في (ب) بالعد. وفي (د) : بالظلم والعداوة.
(٧) في (أ) و (ج) : أو حيرة.
(٨) سقط من (ب) : الله. وسقط من (أ) و (ج) : به.