(١١)) [الطلاق : ٨ ـ ١١] ، فلما كان جميع من في القرية ، لا يخلو من عامة أو خاصة متعدية ، وكان أمر الله وأمر رسوله للعامة ، في الخاصة المتعدية الظالمة ، أن (١) يجاهدوهم إن قووا وانتصفوا ، ويهاجروهم وينتقلوا عنهم إن ضعفوا ، فلم يفعلوا ما أمروا بفعله ، كانت القرية كلها عاتية عن أمر الله وأمر رسله ، فحل عذاب الله بذلك فيهم ، ونزلت نقمات الله فيهم وعليهم ، وكان كلهم ظالما عاتيا فاستحقوا جميعا الهلاك (٢) بظلمهم وعتائهم ، وعصيانهم واعتدائهم ، ولو كان الأمر في ذلك كما قال من لم يهد فيه لرشده ، ولم يسدّد في القول للهدى وقصده ، لكان في ذلك من التجربة ، لكل نفس متعدية ، ما تقل معه لله منهم الطاعة ، ويعظم فيه عليهم الفساد والإضاعة ، ولكن لم يأمر الله سبحانه في السورة كلها وينه ، ولم يكن بما (٣) فيها من التذكير والتحذير واعظا منبها ، إلا لمن آمن من المؤمنين به ، ولم يجحد بشيء من رسله ولا كتبه.
فافهموا هديتم قوله سبحانه : (آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) ، فإنكم إن تفهموا ذلك يبن (٤) لكم إن شاء الله ما التبس عليكم في كل ما ذكرنا من الأمور ، وخرجتم ببيان الله فيه من ظلمات الهوى ، إلى نور الحق والبر والتقوى.
وفي قرى الفسق والعتا والظلم ، وما أحل الله بها من الحطم القصم ، ما يقول سبحانه: (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ (١١) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ (١٢) لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) (١٣) [الأنبياء : ١١ ـ ١٣] ، فمن تأويل (لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) ، لعلكم (٥) تعرفون ، وتقرّون أيها المترفون ،
__________________
(١) في (ب) : إذا (مصحفة).
(٢) في (أ) و (ج) : المثلات بظلمهم وعتائهم. وفي (ب) و (د) : جميعا الهلاك بظلمهم في عتائهم.
(٣) سقط من (ب) : بما.
(٤) في (ب) و (د) : يتبين.
(٥) في (أ) : أي لعلكم.