ومن ذلك وفيه ، فخبر الله جل ثناؤه عن عيسى صلى الله عليه ، بعد الذي كان من إخباره عن موسى صلى الله (١) عليه ، بما قد سمعته عن الله آذانكم ، وأحاط به يقينا إيقانكم ، من مهاجرته صلى الله عليه ، وسياحته مهاجرا على قدميه ، هاربا لسخطه في (٢) الله من بني إسرائيل ، إذ لم يعملوا بما في أيديهم من التوراة ولم يقبلوا ما جاء به (٣) من الإنجيل ، وأبوا إلا الكفر لنعمة الله ، والمشاقّة بعصيانهم على الله ، فلما أحس عيسى صلى الله عليه كفرهم ، (٤) وتوجس في إصرارهم على الكفر أمرهم ، كما قال الله سبحانه : (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) [آل عمران : ٤٦] ، يريد : من المهاجر معي إلى (٥) الله ، والتابعون لي سياحة في سبيل الله ، ولسياحته في الله ، ونصيحته بها لله ، سماه الله مسيحا ، وكان لله فيها نصيحا.
ولقد (٦) قرأنا مما في أيدي النصارى لعنة الله عليها ، في كل ما عندها من أناجيلها : (أن عيسى ابن مريم ، لما وجّه في المدائن والأمم ، للدعاء إلى الله حوارييه ، قال لا تزودوا معكم زادا ، ولا تحملوا معكم فضة ولا ذهبا ، وأي (٧) مدينة حللتموها ، أو أمة دخلتموها ، فلم تقبل منكم ، ولم يسمع الحق عنكم ، فأقلّوا بها وفي أهلها مقامكم ، وانفضوا من غبارها إذا خرجتم عنها أقدامكم ، لكيما تكون شهادة لله عليهم ، (٨) وحجة باقية من بعدكم فيهم ، فخرجوا فكانوا يطوفون في المدائن والقرى ، وينشرون أمر الله فيهم نشرا) (٩).
__________________
(١) سقط من (أ) : صلى الله عليه.
(٢) في (ب) و (د) : وهاربا. وفي (ج) : من الله.
(٣) في (ب) : ما حكم.
(٤) في (ب) : بكفرهم.
(٥) في (ب) و (د) : في.
(٦) في (أ) : فلقد.
(٧) في (أ) : فأي مدينة.
(٨) في (ب) : عليكم.
(٩) نص الإنجيل : ثم استدعى الاثني عشر تلميذا ، وأخذ يرسلهم اثنين اثنين ، وقد أعطاهم سلطة على الأرواح النجسة ، وأوصاهم أن لا يحملوا للطريق شيئا إلا عصا ، لا خبزا ولا زادا ، ولا مالا ضمن ـ