فقال : هذا أمر من الله لنبيه ، صلى الله عليه وعلى آله بنشر نعمته عليه ، وذكر إحسانه إليه ، لأن الله تبارك وتعالى شاكر يحب الشاكرين ، ويرضى الشكر والثناء عليه بنعمه من المؤمنين ، ويريد أن يحدّث المؤمنون بعضهم بعضا بنعمه عليهم ، وإحسانه إليهم ، ليكونوا بذلك ذاكرين.
٣٠٠ ـ وسئل : عن قول الله سبحانه : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) [النجم : ٣٢]؟
فقال : هذا نهي من الله سبحانه لعباده عن تزكية أنفسهم ، لأنه لا شريك له أعلم بسرهم وعلانيتهم ، والله تبارك وتعالى لا يخطئ علمه فيهم ولا يغلط ، ولا يسخط إلا في موضع السخط ، وقد يغلطون في أفعالهم ويخطئون فيظنون أنهم في بعض ما يعملون لله مرضون (١) ، وهم عنده في ذلك مسخطون ، ويقولون القول الذي يتوهمونه لله رضا ، وهو عند الله سخط ، ألا ترى كيف يقول سبحانه : (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ) [النجم : ٣٢] ، وكذلك الله سبحانه هو أعلم بهم من أنفسهم ، والمحيط بعلانيتهم وسرهم.
٣٠١ ـ وسئل : عن قوله سبحانه : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) [البقرة: ٢٦٤]؟
فقال : هذا نهي من الله سبحانه للمؤمنين ، بأن يكونوا بالمن والأذى لمن تصدقوا عليه صدقاتهم مبطلين ، [بأذى] منهم لمن أحسنوا إليه ، وكثرة الامتنان بذلك الإحسان إليه.
٣٠٢ ـ وسألت : عن الإيمان؟
ونحن نقول : قول وعمل بمنزلة الروح من البدن ، العقد بالقلب ، والإقرار باللسان ، والعمل بالجوارح ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، قال الله تبارك وتعالى في صفة الإيمان : (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ) (١٢٥) [التوبة : ١٢٤ ـ ١٢٥] ، وقال تعالى : (الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) وَالَّذِينَ
__________________
(١) في المخطوط : مرضين.