الأوّل : انّ تكامل النفس بعد تركها البدن الدنيوي رهن تعلّقها بذلك البدن حتى تتكامل تحت ظل ذلك التعلّق.
الثاني : انّ النفس بحاجة إلى ذلك البدن لأجل نيل الثواب والعقاب ولولاه لما تيسر لها نيلهما.
أما الثاني فهو مخالف لمختاره في القوة الخيالية للنفس ، فانّها قوة جوهرية معلولة للنفس قائمة بها قيام المعلول بالعلة ، وليست حالَّة في البدن ولا في أعضائه ، وعلىٰ هذا تكون الصور المخلوقة بتلك القوة مخلوقة للقوة قائمة بها ، قيام المعلول بالعلة من دون أن تكون حالّة في الأعضاء.
فإذا كانت القوّة والصور القائمة بها ، أُموراً جوهرية قائمة بالنفس فلا حاجة لها بالبدن المثالي.
نعم القوة الخيالية في النشأة الأُولىٰ لا تستطيع خلق الصور إلاّ عن طريق إعمال القوى الحسية الموجودة في الأعضاء ، فلا يُبصر إلاّ بالعين ، ولا يُسمع إلاّ بالسمع ، وحيث إنّ الصور في هذه النشأة تأتي إلى النفس والقوة من خارج ذاتهما فلا محيص من الاستعانة بالبدن العنصري ، وهذا بخلاف الصور الجميلة أو المؤلمة في النشأة الأُخرىٰ فانّ الصور تبرز من داخل النفس والقوة إلىٰ خارجهما حسب الملكات التي يكتسبها الإنسان طيلة عمره ، فالنفس ذي الملكة الحسنة تخلق صوراً جميلة يلتذ بها على خلاف الملكة السيئة ، وعلىٰ ذلك فلا حاجة للنفس ولا للقوّة الخيالية في إيجاد الصور للبدن المثالي.
فتعين الوجه الأوّل ، وهو انّ النفس في تكاملها رهن البدن المثالي فعندئذٍ نطرح هنا أمرين :
الأوّل : انّ كثيراً من الناس يعوزهم الاستعداد اللازم للانتقال إلى عالم العقول ، بل يبقوا في عالم المثال أبد الدهر ، وعندئذٍ يكون استخدام البدن المثالي