وجه الاستدلال بهذا انّ المني إنّما يحصل من فضلة الهضم الرابع ، وهو كالطل المنبث في أطراف الأعضاء ولهذا يشترك كلّ الأعضاء ويجب غسلها بالالتذاذ الواقع لحصول الانحلال عنها كلّها ، ثمّ إنّ الله تعالى سلّط قوّة الشهوة على البنية حتّى إنّها تجمع تلك الأجزاء الطلية ، فالحاصل انّ تلك الأجزاء كانت متفرقة جداً أوّلاً في أطراف العالم.
ثمّ إنّ الله جمعها في بدن ذلك الحيوان وجمعها الله في أوعية المني ثمّ إنّه أخرجها ماءً دافقاً إلىٰ قرار الرّحم ، فإذا كانت هذه الأجزاء متفرقة فجمعها وكوَّن منها هذا الشخص فإذا افترقت بالموت مرة أُخرى ، فكيف يمتنع عليه جمعها مرّة أُخرى ؟! (١)
انّ ما ذكره المتكلّمون إنّما هو لإثبات انّ المعاد عنصري لا مثالي ، وهذا حقّ في الجملة ، لكن القول بأنّ لكلّ إنسان أجزاء صلبة لا تتبدل ولا تتغير إلىٰ شيء فهو أمر لم يثبته العلم ولا التجربة ولا البرهان العقلي.
نعم لو تضافرت عليه الأخبار نأخذ به تعبداً. (٢)
__________________
١. الأسفار : ٩ / ١٥٣ ـ ١٥٤.
٢. الأسفار : ٩ / ١٥٣ ـ ١٥٤.