قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

مفاهيم القرآن [ ج ٨ ]

109/412
*

فلو كان المراد من إعادة المعدوم هو خرق الحجب والموانع والرجوع إلى الزمن الماضي ورؤية كلّ شيء في محلّه ، فهذا ليس إعادة للمعدوم بل مشاهدة لوجود شيء في ظرفه.

وإن شئت قلت : إنّ الواقع لا ينقلب عمّا هو عليه ، وكلّ شيء إذا حدث فهو محفوظ في ظرفه ، وإن كان غير محفوظ في الظروف التي تعقبه.

فمثلاً الحوادث التي وقعت في عهد نوح منذ دعوته ومكابرة قومه ، واستيلاء الغرق عليهم ، وركوب السفينة وسيرها على الماء ونزولها على الجودي ، أمر غابر لكنه موجود في ظرفه ، لا يمكن قلبه عمّا هو عليه وإن كان غير موجود في الأزمنة التي تعقبه.

فإن أُريد من إعادة المعدوم هو خرق الحجب ورؤية كلّ شيء في ظرفه ، فهو ليس إعادة للمعدوم ولا خلقاً له ، ومن الواضح أنّ المعاد ليس من هذا القبيل ، ولا يراد منه خرق الحجب لرؤية المؤمنين والكافرين في ظروفهم الزمنية.

وإن أُريد تعلّق الخلق وقدرته سبحانه على إيجادهم بعد انعدامهم ، فهذا ليس إعادة للمعدوم بل إيجاداً لمثله ، ضرورة تعدد الفعل والخلق.

وبذلك ظهر أنّ الجواب الثاني الذي أشار إليه التفتازاني هو المهم في الباب.

توضيحه : أنّ المعاد ليس من قبيل إعادة المعدوم ، بل إيجاد للمعدوم ثانياً ، على نحو يطلق على الثاني انّه عين الأوّل عرفاً وإن كان مثله عقلاً ، وذلك لأنّ الإنسان بموته يترك أمرين.

الأوّل : العظام والعروق واللحوم التي تتحول إلىٰ رميم وتتبدل إلىٰ ثرىٰ.

الثاني : الروح والنفس التي يتوفّاها ملك الموت.