إنّ للصورتين الثانية والثالثة فروضاً مختلفة :
١. أثبت العلم الحديث انّ بدن الإنسان في تحوّل وتغيّر مستمر ، فهو في ظل هذا التحوّل ذو أبدان كثيرة ، وقيل انّ خلايا البدن الإنساني تتغير برمتها كلّ ثمان سنين.
٢. إذا افترضنا انّ البدن الأخير وماتقدمه من الأبدان صادف المانع وأصبح جزءاً لإنسان آخر ، ولو من خلال تحول البدن إلى تراب ونبات وحيوان ، ولكن ليس عامّة الأجزاء من كلّ بدن مأكولاً لفرد آخر ، وإنّما يتحول جزء من كل بدن ، فعند ذلك يحشر بأي بدن شاء الله وإن كان بدناً نحيلاً ، لأنّه يكفي في المعاد انّ البدن الأُخروي نفس البدن الدنيوي ولم يدل دليل على العينية من حيث السمن والضعف.
٣. لو افترضنا ـ وإن كان الفرض من النُدرة بمكان ـ أن تتحول أغلب الأجزاء من كلّ بدن إلى بدن إنسان آخر بحيث لا يكون الباقي كافياً في تشكيل بدن الآكل ، وعندئذ لا مانع من إكمال البدن بالاستعانة بأجزاء ترابية وهوائية أُخرىٰ ، ولا يعدّ ذلك نقضاً في الحشر ، لما عرفت من أنّ الملاك هو صدق العينية عرفاً لا عقلاً ، ولذلك يعبر سبحانه عن ذلك بقوله : ( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىٰ وَهُوَ الخَلاَّقُ الْعَلِيمُ ) (١) بناء على أنّ الضمير في « مثلهم » يرجع إلى الإنسان ، وقال عزّ من قائل : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُورًا ). (٢)
وقال الإمام الصادق عليهالسلام : « وإذا قبضه ( أي روح المؤمن ) الله إليه سيّر تلك
__________________
١. يس : ٨١.
٢. الإسراء : ٩٩.