والبرزخ بمعنى الحائل والفاصل ، يقول تعالىٰ : ( بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ ) (١) وإنّما أطلق على هذا النوع من الحياة لفظ البرزخ ، لأجل الفصل بين الحياتين علىٰ وجه لا يمكن للإنسان أن يتجاوز الفاصل والحائل ويعود إلى الدنيا.
والآيات الدالة عليه كثيرة.
منها : ما دلّت على تجرّد النفس وبقائها بعد الموت ، وقد مرّ ما يدل على ذلك.
ومنها : ما دلت على حياة الشهداء ، وانّهم في ذلك العالم فرحين مستبشرين بنعم الله سبحانه.
ومنها : ما ورد في حقّ آل فرعون ، وانّهم يعرضون على النار غدواً وعشياً ، ويوم القيامة يدخلون النار ، كما ورد نظيره في حقّ قوم نوح عليهالسلام وقد مرّت هذه الآيات في فصل تجرد النفس فلاحظ.
وثمّة آيات أُخرى تدل على الحياة البرزخية لم نذكرها فيما سبق.
قال سبحانه : ( قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ ). (٢)
فالآية تحكي عن إماتتين وإحياءين ، فالإماتة الأُولىٰ في النشأة الدنيا ، والإماتة الثانية في عالم البرزخ عند نفخ الصور.
يقول سبحانه : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاءَ اللهُ ). (٣) فالموت عند نفخ الصور يلازم وجود الحياة قبل النفخ ، وليس هو إلاّ الحياة البرزخية ، وأمّا الإحياءان فالأوّل منهما عبارة عن الحياة
__________________
١. الرحمن : ٢٠.
٢. غافر : ١١.
٣. الزمر : ٦٨.