وقال الإمام الأشعري : ونؤمن بعذاب القبر ومنكر ونكير ومساءلتهما المدفونين في قبورهم. (١)
وقال القاضي عبد الجبار ـ وهو من أعاظم متكلّمي المعتزلة في القرن الخامس ـ : لا خلاف فيه بين الأُمّة ، إلاّ شيء يحكىٰ عن ضرار بن عمرو ، وكان من أصحاب المعتزلة ، ثمّ التحق بالمجبرة ، ولهذا ترىٰ ابن الراوندي يشنع علينا ، ويقول : إنّ المعتزلة ينكرون عذاب القبر ولا يقرّون به. (٢)
وهذا النوع من الاعتقاد العام رهن روايات وردت في القبر وسؤاله وعذابه ، والروايات في هذا الباب متضافرة بل متواترة ، ولكن ليس فيها أيّ إشارة إلىٰ أنّ المسؤول هو البدن العنصري ، ولذلك قلنا إنّ المسؤول هو البدن البرزخي فلا مناص من إرجاع السؤال والعذاب والروح والريحان إلى البدن البرزخي.
نعم ربما يعبر عنه بالقالب المثالي ، وهذا هو الإمام الصادق عليهالسلام يصف البدن ، يقول أبو ولاّد الحناط : قلت له : جعلت فداك يروون أنّ أرواح المؤمنين في حواصل طيور خضر حول العرش ، فقال : « لا ، المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير ، لكن في أبدان كأبدانهم ». (٣)
وفي رواية أُخرىٰ عنه عليهالسلام : « فإذا قبضه الله عزّوجلّ صيّر تلك الروح في قالب كقالبه في الدنيا فيأكلون ويشربون ، فإذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا ». (٤)
نعم ربما يستفاد من بعض الروايات أنّ المسؤول والمعذَّب والمنعّم هو هذا
__________________
١. مقالات الإسلاميين : ٣٢٠ ـ ٣٢٥.
٢. شرح الأُصول الخمسة : ٧٣٠.
٣. البحار : ٦ / ٢٦٨ ، باب أحوال البرزخ الحديث ١١٩.
٤. البحار : ٦ / ٢٧٠ ، باب أحوال البرزخ ، الحديث ١٢٤.