الف. العلّة المادية.
ب. العلة الصورية.
وكأنّ العالم بجزئياته وذراته تفاعلت فيما بينها وشكّلت صورة الإنسان ، وليس وراء هاتين العلتين علّة أُخرى ، فهم ينكرون العلة الفاعلية ( الخالق ) والعلّة الغائية ويقتصرون على العلّة المادية والصورية ، وبذلك أراحوا أنفسهم من عناء الإجابة ، بل أذعنوا بأنّه ليس وراء خلق الإنسان هدف ولا غاية.
وصنف آخر يرىٰ أنّ وراء العلّتين الماضيتين ، علّتين أُخريين : أحدهما : العلّة الفاعلية ، والأُخرى : العلة الغائية ، والمراد من الأُولى ما يخرج المادة والصورة إلى الوجود ، كما أنّ المراد من الثانية الغرض المترتب على الفعل ، وحيث إنّ الفاعل موجود حكيم لا يفعل عبثاً دون غرض ، فلفعله غرض مترتب عليه ، وليس هو إلاّ العبور من قنطرة الدنيا إلى الآخرة وانتقاله إلى نشأة أُخرى يُعد غرضاً أسمىٰ لفعله سبحانه.
وتدل على تلك الغاية طائفتان من الآيات :
الأُولى : ما تدل علىٰ أنّ إنكار المعاد يلازم العبث.
الثانية : ما تصف فعله سبحانه ( الإيجاد ) بالحق المطلق الذي لا يدانيه الباطل ، وما هو كذلك يمتنع أن يكون عبثاً بلا غرض.
أمّا ما يدل على الطائفة الأُولىٰ فلفيف من الآيات :
١. ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ ). (١)
ولأجل انّ العبث لا يدبُّ إلى فعله ولا يتسرب إلى إيجاده ، يصفه بعد تلك الآية بالملك الحق ، ويقول : ( فَتَعَالَى اللهُ المَلِكُ الحَقُّ لا إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ
__________________
١. المؤمنون : ١١٥.