أو المراد من جاء بالحسنة المطلقة ؟ أي لا يوجد في كتابه إلاّ الحسنة ، مقابل من لا يوجد في كتابه إلاّ السيّئة.
ولذلك يكون مصير الطائفة الثانية هو الانكباب في النار على وجوههم كما يكون مصير الطائفة الأُولىٰ هو الأمن من الفزع ، ومن الواضح انّ هذه الطائفة نادرة.
وعلى هذا فالطائفة المستثناة طائفة خاصّة تتميز بعمق الإيمان والاستقامة على الدين حتى صاروا ذوي نفوس مطمئنة لا تزعزعهم الحوادث المرعبة كما كانوا كذلك في الحياة الدنيا ، وليس هؤلاء إلاّ الأنبياء والأوصياء.
ويمكن تحديد المستثنىٰ بوجه آخر وهو انّه سبحانه يذكر انّ كلّ من شمله الصعق والفزع في النفخة الأُولى ، يقوم عند النفخة الثانية وينتظر حساب عمله ، قال : ( ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ ) (١) وقال في آية أُخرى : ( وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ). (٢)
هذا من جانب ، ومن جانب آخر تستثني بعض الآيات المخلصين من الحضور للحساب ، وتقول : ( فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ) (٣) وفي آية : ( فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * إِلاَّ عِبَادَ اللهِ المُخْلَصِينَ ). (٤)
فالمخلصون من عباده سبحانه لا يحضرون إلى الحساب كما لا يحزنهم الفزع الأكبر ولا تصعقهم وتفزعهم النفخة الأُولى.
وأمّا المراد من المخلصين الذين لا يعمهم الفزع الأكبر فتوضحه الآيات
__________________
١. الزمر : ٦٨.
٢. النمل : ٨٧.
٣. يس : ٥٣.
٤. الصافات : ١٢٧ ـ ١٢٨.