وهذه هي التي يعبر عنها القرآن الكريم في غير واحدة من الآيات :
قال سبحانه : ( سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً ) (١). (٢)
فكلّ ما يصدر من الإنسان من الأعمال الحسنة والسيئة فهو ذو تأثير علىٰ مصير الفرد والمجتمع يسوقهما إلى السعادة والتكامل أو إلى الشقاء والانحطاط ، أو إلى غير ذلك من الآثار.
بل تؤثر في الحياة الأُخروية ومصير الإنسان فيها ، ولذلك قالوا : الدنيا مزرعة الآخرة ، فما يزرعه فيها يحصده في الدار الآخرة.
وعلىٰ ضوء ذلك فلو كان المراد من الحساب المحاسبة التكوينية ، فالأعمال كلّها تُحاسب بمعنى انّها تؤثر في مصير الإنسان وحياته الأُخروية حسنها وسيّئها ولا يغادر فعل في ذلك المقام.
ولأجل ذلك يفترق الإنسان إلىٰ أصحاب اليمين وأصحاب الشمال. لأجل جزاء أعماله ولا يتطرق التخصيص إلى المحاسبة الكونية ، فانّ التكوين لا يقبل التخصيص.
هذا كلّه حول الحساب التكويني ، وأمّا الحساب التدويني فهو أمر راجع إلى الأفراد والحكومات ، فكلّ فرد يوازن بين دخله ومصرفه كما تفعل ذلك كافة الدوائر والمؤسسات الحكومية والمالية وغيرها.
وهل الحساب في الدار الآخرة بهذا النحو الذي يمارسه الإنسان في دار الدنيا فتفتح الدواوين والكتب التي هي اضبارة لأعماله فتجمع الحسنات في
__________________
١. الأحزاب : ٦٢.
٢. ولاحظ فاطر : ٤٣ ;غافر : ٨٥ ; الفتح : ٢٣ ; الإسراء : ٧٧.