يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الْغَرُورُ ). (١)
والإمعان في تلك الآيات يورث الإعجاب ، فهو يذكر بعث النفوس أوّلاً ، ثمّ يردفه في آية أُخرى بأنّه سبحانه هو الحقّ.
ثمّ يطرح في آية أُخرىٰ مسألة الجزاء وانّه لا يجزي والد عن ولده ، ويصف وعد الله بالحقّ ، ففي كلا المقامين جاء المدّعىٰ مرفقاً بالدليل ، فوصفه بالحقّ كوصف وعده به آية صحّة المدعىٰ وانّه لا مناص من إحياء الموتىٰ وإلاّ لعاد الحقّ المطلق حقّاً نسبياً.
وهذا النوع من الكلام من إنسان أُمّي لا يجيد القراءة والكتابة دليل على أنّ كتابه ليس وليد فكره ونتاج عقله ، بل هو وحي إلهي نزل به الروح الأمين علىٰ قلبه ليكون من المنذرين.
ثمّ إنّ الذكر الحكيم يحثّ المؤمنين على التفكير في خلق السماوات والأرض واختلاف اللّيل والنَّهار وغيرها من الأنظمة السائدة في الكون حتّى يعلموا أنّ فعله سبحانه لم يكن باطلاً ولا عبثاً. قال سبحانه : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ). (٢)
وقد نقل عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « الدنيا مزرعة الآخرة ».
وكأنّ الإنسان يزرع في هذه الحياة الدنيا ويحصد ما زرعه في الآخرة ، وهو يشير إلى وجود الغاية لخلق الإنسان والعالم.
__________________
١. لقمان : ٣٣.
٢. آل عمران : ١٩٠ ـ ١٩١.