٢. روى ابن عباس في تفسير قوله : ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرْصَادِ ) ، قال : « انّ علىٰ جسر جهنم سبع محابس يسأل العبد عند أوّلها عن شهادة أن لا إله إلاّ الله ، فإن جاء بها تامة جاز إلى الثاني ، فيسأل عن الصلاة ، فإن جاء بها تامة جاز إلى الثالث ، فيسأل عن الزكاة ، فإن جاء بها تامة جاز إلى الرابع ، فيسأل عن الصوم ، فإن جاء به تاماً جاز إلى الخامس ، فيسأل عن الحج ، فإن جاء به تاماً جاز إلى السادس ، فيسأل عن العمرة ، فإن جاء بها تامة جاز إلى السابع ، فيسأل عن المظالم ، فإن خرج منها وإلاّ يقال : انظروا ، فإن كان له تطوّع أكمل به أعماله فإذا فرغ انطلق به إلى الجنّة ». (١)
وحصيلة هذه الروايات انّ هناك مواقف وقناطر على الصراط سمّي كلّ واحد بواحد من أسماء الفرائض يوقف فيها الإنسان ويُسأل عنها.
هذا تفسيرٌ وللشيخ المفيد تفسير أفضل من تفسير الصدوق ، وحاصل ما أفاده هو : انّ المراد من العقبات هي الفرائض ، فيسأل الإنسان عنها ، دون أن يكون في البين جبال وعقبات يعبرها الإنسان حتى يصل إلى الجنة أو النار ، وإنّما سمّيت الفرائض بالعقبات لأنّ إطاعتها لا تخلو عن صعوبة ومشقة ، يقول الشيخ المفيد :
العقبات عبارة عن الأعمال الواجبة والمساءلة عنها والمواقفة عليها ، وليس المراد به جبال في الأرض تقطع ، وإنّما هي الأعمال شبّهت بالعقبات ، وجعل الوصف لها يلحق الإنسان في تخلصه من تقصيره في طاعة الله تعالى ، كالعقبة التي تجهده صعودها وقطعها قال الله تعالى : ( فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ ) فسمّى سبحانه الأعمال التي كلّفها العبد عقبات تشبيهاً بالعقبات والجبال ، لما يلحق الإنسان في أدائها من المشاق ، كما يلحقه في صعود العقبات
__________________
١. مجمع البيان : ٩ ـ ١٠ / ٧٣٩ ، تفسير سورة الفجر.