الكبيرة في النار ، وإلاّ فخلوده يكشف عن حبط عمله ، لا بمعنى إبطال الثواب بعد تحقّقه ، بل بمعنى كشف عدم الثواب له من أوّل الأمر ، لاشتراطه بعدم ارتكاب الكبيرة.
ب. ( وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ ). (١)
وقد قرر غير واحد من علمائنا دلالة الآية على عدم القطع بخلود مرتكبي الكبيرة في النار.
قال المرتضىٰ : هذه الآية دلالة على جواز المغفرة للمذنبين من أهل القبلة ، لأنّه سبحانه دلّنا علىٰ أنّه يغفر لهم مع كونهم ظالمين لأنّ قوله : ( عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ ) إشارة إلى الحال التي يكونون عليها ظالمين ويجري ذلك مجرى قول القائل : أنا أودّ فلاناً على غدره وأصله على هجره. (٢)
وبعبارة أُخرى : أنّ الآية تخبر عن حكمين :
١. انّ هؤلاء تشملهم مغفرته سبحانه.
٢. كما يمكن أن يشملهم عقابه سبحانه.
ويشير إلى الأوّل بقوله : ( لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ ) ، وإلى الثاني بقوله : ( وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ ).
وأمّا تعيّن أحدهما فلا يعلمه إلاّ الله سبحانه ، فلو كان مرتكب الكبيرة خالداً في النار لما صحّ إلاّ الخبر الثاني وهو قوله : ( إِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ ).
نعم انّ هذه الآية ونظائرها لا ترخص لمرتكبي الكبائر أن يقترفوا المعاصي
__________________
١. الرعد : ٦.
٢. مجمع البيان : ٣ / ٢٧٨ ، تفسير سورة الرعد.