لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ). (١)
تجد انّه سبحانه يردف قوله : ( كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) بقوله : ( لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) مشعراً بأنّ جمع الناس يوم القيامة من مظاهر رحمته.
وثمة سؤال وهو انّه كيف يكون حشر الناس من مظاهر رحمته مع أنّ الكفّار والمنافقين معذّبون في الدرك الأسفل من النّار ؟
والإجابة عنها واضحة.
إذ انّ الهدف من وراء البعث والنشور إيصال كلّ ممكن إلى كماله المطلوب ، ونيل الرحمة الإلهية وهو غاية طبيعية للحشر ، فلو تخلّف الكافر عن نيل ذلك الكمال والرحمة فلا يضرّ بالهدف المتوخّى من البعث.
وهذا نظير الامتحان ، فانّ الغاية منه إظهار ما في كنه الممتَحن من الكمال على نحو لولاه لما ظهر ، فمثلاً ابتلاء إبراهيم بذبح إسماعيل كان سبباً لظهور الكمالات الكامنة فيه كالاخلاص لله.
وعلى ضوء هذا فانّ رسوب شخص لا يضرّ بالغاية المتوخاة منه ، مادام التقصير يعود إلى الراسب لا غير.
ونظيره المقام ، فالغرض من خلق الإنسان وبعثه شيء واحد ، وهو إيصاله إلى الكمال المطلوب ، فلو قصر الكافر فيكون هو المسؤول في ذلك المجال فحسب.
__________________
١. الأنعام : ١٢.