وقال سبحانه : ( إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المُسْتَقَرُّ ). (١)
وقال سبحانه : ( إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المَسَاقُ ). (٢)
وقال تعالى : ( إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ ). (٣)
وقال عزّ من قائل : ( إِنَّمَا هَٰذِهِ الحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ) (٤).
وكأنّ وجود الإنسان في خِضمِّ بحر متلاطم تسوقه الأمواج العاتية من جانب إلى آخر فلم يزل في حركة وسيلان وتصرم حتى انتقاله إلى النشأة الأُخرى ، فعندئذ يصل إلىٰ غايته المنشودة وتكون منتهىٰ حركته واستقرار ذاته ووجوده ونهاية سيره إلىٰ ربّه.
وفي كلمات الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام لمحات إلى هذا البرهان لمن تأمل فيها وأمعن النظر ، قال : « وإنّ الخلق لا مقصر لهم عن القيامة ، مرقلين في مضمارها إلى الغاية القصوى ». (٥)
وقد اعتمد علىٰ ذلك البرهان صدرالمتألهين وقرره بوجه واضح وقال :
الآيات التي فيها ذكرت النطفة وأطوارها الكمالية وتقلّباتها من صورة أنقص إلىٰ صورة أكمل ومن حال أدون إلىٰ حال أعلىٰ ، فالغرض من ذكرها إثبات انّ لهذه الأطوار والتحوّلات غاية أخيرة ، فللإنسان توجه طبيعي نحو الكمال ودين إلهي فطري في التقرب إلى المبدأ الفعال ، والكمال اللائق بحال الإنسان المخلوق
__________________
١. القيامة : ١٢.
٢. القيامة : ٣٠.
٣. العلق : ٨.
٤. غافر : ٣٩.
٥. نهج البلاغة : الخطبة ١٥٦.