قال سبحانه : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُم بَعْدَ ذَٰلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ ). (١)
فالمراحل التي مرّت على الإنسان منذ أن كان خلية في رحم أُمّه إلى أن صار بشراً سوياً تحكي عن عدم ثباته وقراره وحركته وتحوله المرافق لعدم تحقق الغاية وإنّما يستقر بانتقاله من هذه النشأة إلى نشأة أُخرى وبعثه يوم القيامة.
فالآيات الآنفة الذكر إلى قوله : ( ثُمَّ إِنَّكُم بَعْدَ ذَٰلِكَ لَمَيِّتُونَ ) تُبيّن حركة الإنسان وتحوله المستمر ، وقوله : ( ثُمَّ إِنَّكُم ... ) تبيّن حصول الغاية التي تلازم قراره وثباته واستقراره.
٢. الآيات التي تتكفّل لبيان خلق الإنسان من نطفة ثمّ يحكم عليه بالنشأة الأُخرى إيماء إلى ذلك البرهان ، قال سبحانه : ( وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَىٰ * مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ * وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَىٰ ). (٢)
وكأنّ النشأة الأُخرى غاية لحركة الإنسان من الصورة المنوية إلى الصورة الإنسانية.
٣. الآيات التي تصف يوم القيامة بأنّه المنتهىٰ والمستقر والمساق والرجعىٰ ودار القرار.
قال سبحانه : ( وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ * ثُمَّ يُجْزَاهُ الجَزَاءَ الأَوْفَىٰ * وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ المُنتَهَىٰ ). (٣)
__________________
١. المؤمنون : ١٢ ـ ١٦.
٢. النجم : ٤٥ ـ ٤٧.
٣. النجم : ٣٩ ـ ٤٢.