سبحانه : ( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ). (١)
٢. انّ النفاق ظهر لأوّل وهلة بين أهل يثرب ، لأنّ عبد الله بن أُبيّ كان قد تمتع بنفوذ واسع بين طائفتي الأوس والخزرج ، وكان مرشحاً أن يكون سلطاناً على يثرب وحواليها ، ولما جاء الإسلام انفض من كان حوله إلاّ قليلاً منهم ، وراح يشكل نواة للنفاق ، ويتحيّن الفرص للانقضاض على المهاجرين من أهل مكة ، ولمّا تنازع مهاجر مع أنصاري في سقي الماء في غزوة بني المصطلق واوشكت الحرب أن تستعر اغتنم الفرصة وكلّم أصحابه ونهاهم عن الإنفاق على أصحاب رسول الله كي ينفضوا من حوله ، كما حث الطائفتين علىٰ إخراج المهاجرين من يثرب ، وهذا ما يحكيه عنه سبحانه في القرآن الكريم ضمن آيتين ، ويقول : ( هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنفِقُوا عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ اللهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّوا وَللهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَٰكِنَّ المُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ * يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ المُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ ). (٢)
٣. انّ خصيصة النفاق لا تنفك عن التظاهر بالإيمان والسعي وراء كيد المسلمين في المواقف الحساسة فلو خرجوا إلى الجهاد مع المسلمين فإنّما يخرجون طلباً للشر والفساد ونشر الفتنة ، وربما يتبعهم الضعفاء من المؤمنين ، كما يقول سبحانه : ( لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ). (٣)
__________________
١. البقرة : ١٤.
٢. المنافقون : ٧ ـ ٨.
٣. التوبة : ٤٧.