وبعبارة أُخرىٰ : يبدو لأوّل وهلة أنّ ثمة تهافتاً وتناقضاً ، فمن جانب يكون المحشور في الآخرة هو البدن الدنيوي ، والحياة الدنيوية حياة غير كاملة ، ومن جانب آخر تكون الحياة الأُخروية هي الحيوان ، فكيف يمكن الجمع بين كون المحشور هو البدن الدنيوي العنصري وبين كون الحياة الأُخروية كاملة ، فلا محيص من القول إنّ البدن المحشور مع أنّه عين البدن الدنيوي لكن يتمتع بكمال خاص.
ونحن مع الاعتراف بأنّ المحشور هو البدن الدنيوي ، لا البدن البرزخي ، ولا الصور المجردة عن المادة ، إلاّ أنّنا نعتقد بكمال هذا البدن.
وربما تتوهم وحدة الحياتين لأنّ نقص الحياة الأُولىٰ لتوقيتها بأمد محدود ، وتمامية الحياة الأُخرى لدوامها.
يلاحظ عليه بأنّه لا يضفي على الحياة الأُخروية الكمال إذا كانتا متساويتين في الكمال ; مع انّا نرىٰ أنّ القرآن يصف الحياة الدنيوية بالمجازية ، والحياة الأُخروية بالحقيقية ، وهذا لا يتماشىٰ إلاّ إذا كانت الحياة الدنيوية حياة كاملة عالية.
وبعبارة أوضح لو كانت الحياة في النشأتين حقيقة واحدة وكان الاختلاف مختصاً بالتوقيت والدوام ، لما كان هناك أيّ حاجة إلىٰ زوال السماوات والأرض وإيجاد نظام آخر ، ولأجل ذلك نأخذ بكلا الأمرين :
أ. أنّ المحشور هو البدن الدنيوي العنصري لا البرزخي.
ب. أنّ المحشور يحظىٰ بدرجة عالية من الحياة.
نعم الوقوف علىٰ حقيقة الحياة الأُخروية وكمالها أمر مستور علينا.
الطائفة الثانية : الآيات التي تبيّن بدء الخلقة ، وانّ الإنسان خلق من تراب ويعاد إليها ، ثمّ يخرج منها :