وبالتالي تأويل ما دلّ من الآيات والروايات على اللقاء بوجه ، وهو انّ المراد هو الموت ولقاء الثواب والعقاب.
الرأي الثاني : حمل ما دلّ على التنزيه بالمعرفة الحسية أو المعرفة بالكنه ، وحمل ما دلّ على اللقاء أو التشبيه على المعرفة الإجمالية ، ومعرفة أسمائه وصفاته التي هي مجلىٰ ذاته سبحانه.
ولا يخفىٰ انّ كلا التفسيرين تفسير مجازي فانّ حمل اللقاء بلقاء الثواب والعقاب مجاز لا دليل عليه ، كما أنّ تفسيره بالمعرفة الإجمالية كمعرفة أسمائه وصفاته مجاز مثله ، فأين معرفة أسمائه كالعالم والقادر على وجه يليق بالحكيم من لقائه سبحانه.
وهناك مسلك ثالث أدق من المسلكين تبنّاه بعض العارفين وهو انّ للّقاء مراتب بين الإمكان والاستحالة ، فيجوز للممكن في سيره وسلوكه لقاء واقعي ، وإن كان بالنسبة إلى الدرجات المستحيلة لقاءً غير واقعي.
ثمّ أيّد ذلك بما ورد في القرآن والأدعية ، فقد ورد فيهما كلمات تعرب عن تحقّق اللقاء حقيقة ، نظير قول الإمام أميرالمؤمنين عليهالسلام : « ولا يحرمني من النظر إلىٰ وجهك » وقوله : « ولكن تراه القلوب بحقائق الإيمان ». وقول الإمام الحسين عليهالسلام في المناجاة الشعبانية : « وألحقني بنور عزّك الأبهج فأكون لك عارفاً ».
وقوله عليهالسلام : « وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلقة بعزّ قدسك » ، وفي الدعاء الذي علمه الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام لكميل :
« فهبني صبرت علىٰ عذابك فكيف أصبر علىٰ فراقك ».
إلى غير ذلك من الألفاظ الدالة على اللقاء الحقيقي علىٰ وجه يلازم التنزيه