واما وقوعه : فالبحث فيه يقع من جهات :
الأولى : فيما يقتضيه الأصل مطلقا عند الشك في حجية شيء.
الثانية : في صحة ردع الشارع عن العمل بما لم يعلم حجيته.
الثالثة : في صحة التمسك بالعمومات في ذلك.
الرابعة : في إمكان التمسك باستصحاب عدم الحجية.
الخامسة : في ما وقع التعبد بحجيته.
اما الجهة الأولى : فقد أفاد الشيخ رحمهالله ان الأصل حرمة التعبد بما لم يحرز حجيته من قبل الشارع ، لأنه من التشريع (١). ويدل على حرمته قوله تعالى : (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ)(٢) ، إلى غير ذلك.
وأورد عليه في الكفاية (٣) بما حاصله : أن التعبد بحجية شيء غير ملازم للتشريع ، فان اسناد مؤدى الحجة إلى المولى ليس من الآثار المترتبة على حجيته ، إذ يمكن أن يكون شيء حجة ولا يصح اسناد مؤداه إلى الشارع ، كالظن على الحكومة ، وهكذا العكس ، إلّا أنه مجرد فرض لا واقع له.
وفيه : أن إطلاق الحجة على الظن على الحكومة مسامحة ، إذ الحجة ما يقع وسطا في مقام الإثبات ، ومعنى حجية الظن على الحكومة ليست إلّا حكم العقل بالتبعيض في الاحتياط بعد تمامية تلك المقدمات بالأخذ بالمظنونات دون الموهومات ، فالحجية الحقيقية التي هي محل الكلام ملازمة لصحة الاستناد واسناد المؤدى إلى المولى ، بل هي من آثارها كما في العلم الوجداني ، وعليه فالشك في الحجية يلازم القطع بعدمها ، لا بمعنى أن الشك في إنشاء الحجية ملازم للقطع بعدم
__________________
(١) فرائد الأصول : ١ ـ ٩٦ ، ٩٩ (ط. جامعة المدرسين).
(٢) يونس : ٥٩.
(٣) كفاية الأصول : ٢ ـ ٥٥ ـ ٥٨.