يأتي به غيره من الذاكرين ، وان الأمر المتوجه إليه هو الأمر المتوجه إليهم ، ومن الظاهر أن ذلك لا يضر بصحة العمل بعد وجود الأمر الفعلي ومطابقة المأتي به للمأمور به وان لم يكن الآتي ملتفتا إلى خصوصية الأمر وكيفيته.
ولعل هذا هو مراد الشيخ قدسسره مما أفاده في المقام من إمكان توجيه الخطاب إلى الناسي ، والحكم بصحة عمله وان كان مخطئا في التطبيق (١) ، فلا يرد عليه ما ذكره المحقق النائيني (٢) قدسسره من انّ الخطأ في التطبيق انما يعقل فيما إذا أمكن جعل كل من الحكمين في نفسه ، ولكن كان الواقع في الخارج أحدهما وتخيل المكلف انه الآخر ، كما إذ أتى المكلف بعمل معتقدا استحبابه فبان انه واجب أو بالعكس. واما في المقام فبما ان تكليف الناسي مستحيل في مقام الثبوت فلا يمكن ان يدرج ذلك في كبرى الخطأ في التطبيق.
إذا عرفت ذلك فنقول : ان البحث في محل الكلام قد يكون فيما يقتضيه الأصول اللفظية ، وقد يكون فيما يقتضيه الأصول العملية. فهنا مقامان.
أما المقام الأول : فتحقيق الحال فيه ان يقال : ان دليل الجزئية أو الشرطية أما أن يكون له إطلاق يشمل حال النسيان أيضا كقوله عليهالسلام «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» (٣) أو «من لم يقم صلبه في صلاته فلا صلاة له» (٤) ، أو لا يكون له إطلاق كالاستقرار المعتبر في الصلاة ، فان عمدة دليله الإجماع ، ولا إطلاق له لغير حال العمد. وعلى كلا التقديرين اما أن يكون لدليل أصل الواجب كالصلاة في محل الكلام إطلاق لجميع الحالات ، أو لا يكون له إطلاق ، فالصور أربعة.
اما إذا فرض عدم الإطلاق لدليل الجزئية أو الشرطية ، ولدليل أصل
__________________
(١) حكاه المحقق النائيني ، راجع فوائد الأصول : ٤ ـ ٢١١.
(٢) المصدر السابق : ٢١١ ـ ٢١٢.
(٣) مستدرك الوسائل : ٤ ـ باب ١ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٥.
(٤) وسائل الشيعة : ٣ ـ باب ٩ من أبواب القبلة ، ح ٣.