نعم يبقى الإشكال في جريان الأصول وثبوت الحكم الظاهري في أطراف الشبهة غير المحصورة مع أن الواقع فيها وأصل كما في المحصورة.
والتحقيق : في الجواب عنه أنه لو كان المراد من غير المحصورة الّذي يجري في أطرافه الأصول مجرد كون أطراف العلم الإجمالي كثيرة كما هو أحد القولين في المسألة لما كان لهذا الإشكال مدفع ، إذ لا فرق بين قلة الأطراف وكثرتها فيما تقدم ، ولكن الصحيح أن الشبهة غير المحصورة التي لا يكون العلم الإجمالي فيها منجزا ويجري في أطرافه الأصول العلمية إنما هي الشبهة التي بلغت كثرة أطرافها إلى حد لا يمكن إحراز الامتثال فيها أصلا ، أو يكون حرجيا أو عسرا أو ضرريا ، وهذا اصطلاح لا مناقشة فيه ، وعليه فلا يكون الحكم الواقعي فيها لازم الامتثال ، لعدم التمكن منه ، أو لكونه عسرا أو حرجيا أو ضرريا ، وإذا لم يلزم امتثال الحكم الواقعي في مورد لم يكن مانع من جريان الأصول في أطرافه ، فكم فرق بينها وبين الشبهة المحصورة ، فان الحكم الواقعي في المحصورة يجب امتثاله بحكم العقل كما عرفت ، فلا يمكن جعل الحكم الظاهري في موردها. ثم لو تنزلنا عن ذلك وقلنا بانحفاظ مرتبة الحكم الظاهري في الشبهة المحصورة يقع الكلام في المبحث الثالث.
المبحث الثالث : أعني به شمول أدلة الأصول العملية لأطراف العلم الإجمالي وعدمه. فقد منع الشيخ قدسسره عن ذلك ، لكونه مستلزما لوقوع المناقضة بين صدر الروايات وذيلها ، وذلك لأن مقتضى إطلاق صدر الروايات كقوله عليهالسلام في رواية مسعدة ابن صدقة (كل شيء هو لك حلال) (١) وقوله عليهالسلام في حديث عبد الله بن سنان (كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال) (٢) وأمثال ذلك ثبوت الحكم الظاهري في أطراف العلم الإجمالي ، إذ كل واحد من الأطراف يشك في حليته ، فيصدق عليه
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٢ ـ باب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، ح ٤.
(٢) المصدر السابق : ح ١.