تعلق بنفس الحكم ، كالدعاء عند رؤية الهلال إذا قطع المكلف بوجوبه ولم يأت به ، وشرب التتن إذا قطع بحرمته وأتى به ، ثم تبين الخلاف في القطع وانكشف مخالفته للواقع ، بخلاف الوجه الأول فانه إنما يجري في خصوص الشك في الانطباق وثبوت إطلاق يحتمل شموله لما تعلق به القطع.
ثم لا يخفى انه لا ينبغي البحث عن الجهة الأولى ، أي عن الحكم الفرعي في قبال البحث عن الجهة الثانية أعني الأصولية ، وذلك لأن ثبوت الحكم الفرعي وعدمه يبتني على هذين الوجهين.
الجهة الثالثة : في المسألة الكلامية ، وانّ التجري هل يوجب استحقاق العقاب من جهة كشفه عن خبث سريرة المتجري ولو كان الفعل المتجري به في الواقع محبوبا للمولى أم لا يوجب ذلك؟
وليعلم انّ التجري لا يختص بمخالفة القطع المخالف للواقع ، بل يعم مخالفة كل طريق معتبر بجميع أقسامه ، بل كل منجّز ولو لم يكن طريقا شرعيا ، والجامع بينها هو قيام الحجة ، مثلا لو قامت البينة على خمرية شيء وشربه ولم يكن في الواقع خمرا يكون متجريا ، أو ثبت خمرية شيء بالاستصحاب فشربه فتبين الخلاف ، أو تنجز على المكلف حرمة شيء بحكم العقل كالاشتغال في الشبهات قبل الفحص أو بغيره من الأصول المثبتة للتكليف ، وذكر القطع من بينها انما هو لكونه أظهر أفراد الحجج والمنجزات لا لخصوصية فيه ، وقد أشار الشيخ قدسسره إلى ذلك في أواخر المبحث (١).
ثم ربما يتوهم أو توهم انه لا معنى للتجري في الأحكام الظاهرية ، أي في باب الطرق والأمارات والأصول العملية وجامعها الحكم الظاهري ، بدعوى : انها أحكام مجعولة في مورد الشك أو للمكلف الشاك ، فبكشف الخلاف ينتهي أمدها ،
__________________
(١) فرائد الأصول : ١ ـ ٥٨ (ط. جامعة المدرسين).