أن موضوع حكم العقل ، إنما هو مشكوك الحجية ، واما العمومات فهي ناظرة إلى الواقع.
الجهة الرابعة : في إمكان التمسك بالأصل العملي ، وهو استصحاب عدم الحجية. وهذا البحث مبني على الفراغ عن جريان الاستصحاب في عدم التكليف في نفسه كما هو المختار عندنا ، واما بناء على عدم جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية الإنشائية مطلقا فلا معنى للبحث عنه في خصوص المقام ، فان الأمر في جميع موارد الشك في الجعل من واد واحد.
وقد منع المحقق النائيني قدسسره عن جريانه في خصوص المقام بدعوى (١) انه لا بد في جريان الاستصحاب من أن يكون للمستصحب ـ أعني المتيقن السابق ـ أثر عملي يبقى الشاك متحيرا فيه ، ليكون البناء على بقائه عملا هو الغاية من الاستصحاب ، من غير فرق في ذلك بين الشبهات الحكمية والموضوعية ، فلو فرض في مورد عدم ترتب الأثر على الواقع ، اما لترتبه على خصوص الجهل بالواقع ، واما لكونه أثرا مشتركا بين الواقع والجهل به ، فلا مجال لجريان الاستصحاب ، ولا يشمله أدلته ، لأنه لغو وتحصيل للحاصل. والمقام من هذا القبيل ، فان الأثر المترتب على عدم الحجية اما عدم صحة الاستناد ، واما عدم صحة اسناد المؤدى إلى المولى ، وكلاهما يترتبان بمجرد الشك في الحجية ، اما الأول فلاستقلال العقل بعدم جواز الاستناد إلى ما لم يحرز حجيته من قبل المولى ، واما الثاني فلأنه تشريع محرم ، سواء فسرناه بإدخال ما لم يعلم انه من الدين في الدين ، وعليه يكون ذلك أثرا لخصوص الجهل ، أو فسرناه بالأعم منه ومن إدخال ما علم انه ليس من الدين ، في الدين وعليه يكون ذلك أثرا مشتركا بينه وبين الواقع.
__________________
(١) فوائد الأصول : ٣ ـ ١٢٨ ـ ١٢٩ ، أجود التقريرات : ٢ ـ ٨٧.