عدم الإتيان بالركوع المشكوك من صلاة العشاء ، فيحكم ببطلانها ، ولا مانع حينئذ من الرجوع إلى استصحاب عدم الإتيان بالركوع الزائد في صلاة المغرب ، ويترتب عليه صحتها. ونظير ذلك ما لو علم إجمالا بنقصان ركعة في صلاة المغرب أو عدم الإتيان بصلاة العصر مثلا ، فان قاعدة الفراغ في صلاة المغرب تعارض قاعدة الحيلولة في صلاة العصر ، وبعد ذلك يرجع إلى استصحاب عدم الإتيان بالركعة المشكوكة في صلاة المغرب ، أو إلى القاعدة المستفادة من صحيحة صفوان من كون الشك في عدد الركعات موجبا لبطلان الصلاة في غير ما دل الدليل على صحتها ، بناء على المختار من شمولها للشك الحادث بعد الصلاة ، كما حققناه في بحث الخلل من كتاب الصلاة ، فيحكم بوجوب إعادة المغرب ، ومعه لا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة من قضاء صلاة العصر بعد ما ثبت في محله أن الفوت الّذي هو الموضوع لوجوب القضاء لا يثبت بمجرد عدم الإتيان. وهذا الّذي ذكرناه في جواز الرجوع إلى الأصل الطولي في بعض الموارد ، وعدم جواز الرجوع إليه في البعض الآخر يترتب عليه ثمرات مهمة في بحث الخلل في الصلاة وفي فروع العلم الإجمالي.
التنبيه الثاني : بعد ما عرفت أن الميزان في تنجيز العلم الإجمالي هو تعارض الأصول وتساقطها ، يظهر لك أنه لا ملازمة بين وجوب الموافقة القطعية وحرمة المخالفة القطعية ، فإذا علم بحرمة الجلوس في إحدى الغرفتين في آن خاص ، فكل واحد من الطرفين في نفسه غير معلوم الحرمة ، فيجري فيه الأصل لو لا معارضته بجريانه في الطرف الآخر ، ومع المعارضة يسقط الأصلان ، فلا مؤمن للجلوس في كل منهما ، فتجب الموافقة القطعية بتركهما معا ولو كانت المخالفة القطعية غير محرمة عقلا لعدم التمكن منها. وعليه فلا وجه لما ذكره المحقق النائيني رحمهالله من عدم وجوب الموافقة القطعية فيما إذا لم تحرم المخالفة القطعية ، وعلى هذا رتب جواز الاقتحام في أطراف الشبهة غير المحصورة من جهة عدم حرمة المخالفة فيها ، لعدم التمكن