الرابع : البحث عن حجية الأحكام الظاهرية الثابتة لعنوان الشاك في الحكم الواقعي. وتسمى تلك المباحث بمسائل الأصول العملية ، ويعبر عن دليل ذلك الحكم بالدليل الفقاهتي ، والأصل العملي.
والمناسبة في تقييد الأول بالاجتهادي والثاني بالفقاهتي ما ذكروه في تعريف الاجتهاد من (انه استفراغ الوسع لتحصيل الظن بالحكم الفرعي) ومن الواضح ان المراد من الحكم هو خصوص الواقعي ، وإلّا لم يكن وجه لأخذ الظن في التعريف ، فالحكم الواقعي مأخوذ في تعريف الاجتهاد ، ولذلك قيد الدليل الدال عليه بالاجتهادي ، وما ذكروه في تعريف الفقه من (انه العلم بالاحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية) ومرادهم من الأحكام هو الأحكام الظاهرية ، ضرورة ان الأحكام الواقعية لا طريق إلى العلم بها غالبا ، فسمي الدليل الدال على الحكم الظاهري بالدليل الفقاهتي ، لأنه مثبت للحكم المأخوذ في تعريف الفقه. هذا وقد تقدم الكلام في الثلاثة الأول من الأقسام ، والبحث فعلا انما هو في القسم الرابع.
الأمر الثاني : ان الأصول العملية التي هي المرجع في الشبهات الموضوعية والحكمية منحصرة في أربعة. لأن الشك اما أن يكون في أصل التكليف ، وإما يكون في المكلف به. وعلى الأول ان لوحظ فيه الحالة السابقة فهو مورد للاستصحاب ، وإلّا فهو مجرى للبراءة ، واما على الثاني فمع إمكان الاحتياط يكون من موارد قاعدة الاشتغال ، وإلّا فهو مورد التخيير.
واما عدم ذكر قاعدة الطهارة في علم الأصول ، وإحالتها إلى علم الفقه ، فلعدم وقوع الخلاف فيها ، كما وقع في غيرها. واما ما ذكره في الكفاية (١) من كون الوجه في ذلك عدم اطرادها في جميع أبواب الفقه ، واختصاصها بخصوص باب الطهارة ، فغير
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ١٦٧.