المبحث الأوّل :
حجية الظهورات
غير خفي ان حجية الظواهر مما تسالم عليها العقلاء في محاوراتهم ، وبنوا عليها في جميع أمورهم ، وحيث لم يكن للشارع طريق خاص في محاوراته ، بل كان يتكلم بلسان القوم ، ولم يردع عنها ، فهي ممضاة عنده أيضا ، وهذا واضح ، ولذا لم يعثر على خلاف فيه. وإنما وقع الخلاف في أمور ثلاثة :
الأول : في اشتراط حجية الظهور بالظن بالوفاق ، أو بعدم الظن بالخلاف.
الثاني : في اختصاص حجية الظواهر بمن قصد إفهامه ، وعدم حجيته لغيره ولو كان مشتركا معه في التكليف.
الثالث : في حجية ظواهر الكتاب وعدمها إلّا بضميمة الروايات.
اما الأول : فالحق عدم اعتبار الظن بالوفاق في حجية الظهور ، كما لا يضر بها قيام الظن غير المعتبر على الخلاف. واما قيام الظن المعتبر على خلافه فلا ريب في كونه قرينة على المراد ، وهو خارج عن محل. الكلام ومنشأ توهم اعتبار ذلك ما يشاهد من أن العقلاء لا يقنعون في أمورهم المهمة ، كما في الأموال والاعراض والنفوس بمجرد الظهور ، إلّا إذا حصل لهم الظن أو الاطمئنان بالواقع ، فإذا احتملوا إرادة خلاف الظاهر في كلام الطبيب لا يعملون به بلا إشكال ، وهذا وان كان مسلما في الجملة إلّا أنه يختص بما إذا كان المطلوب فيه تحصيل الواقع. واما فيما كان المطلوب فيه الخروج عن عهدة التكليف ، وتحصيل الأمن من العقاب ، فلا ريب ان ديدنهم