النجاسة ، لأنها هي المسئول عنها.
والظاهر انه لا دلالة في المكاتبة على ذلك ، وانما هي دالة على نفي البأس عن ما كان يستعمله في عمله من جلود الحمر الوحشية الذكية في قبال الميتة المذكورة في صدر الكلام ، وليس فيها دلالة على اعتبار التذكية في الحكم بالطهارة في قبال عدمها ، ويؤيد ذلك ذكر الوحشية في الكلام ، مع ان كون الحمار وحشيا لا دخل له في طهارة جلده أصلا.
فتحصل مما ذكر ان مقتضى أصالة عدم تحقق التذكية إذا جرت في مورد انما هو حرمة اللحم ، وعدم جواز الصلاة بجلده. واما النجاسة فهي لا تترتب على هذا الأصل ، فلا مانع من الرجوع إلى أصالة الطهارة ، وعلى هذا يحمل كلام الشهيد رحمهالله من ان الأصل في اللحوم هو الحرمة والطهارة ، ويشهد لذلك انه جعل مورد كلامه الحيوان المتولد من طاهر ونجس (١).
ثم لا يخفى ان صاحب الحدائق رحمهالله أورد على الأصوليين في المقام ، بل تعجب منهم ، حيث حكموا بحرمة اللحم المشكوك فيه تمسكا بأصالة عدم التذكية ، مع انهم يقولون بعدم إجراء الأصل مع وجود الدليل ، والدليل على الحل موجود في محل الكلام ، وهو قوله عليهالسلام «كل شيء فيه حلال وحرام» الحديث. وفساد ما ذكره غني عن البيان ، فان دليل البراءة التي هي من الأصول العملية المجعولة وظيفة للشاك ليس دليلا على الحكم الواقعي لتتقدم على الاستصحاب ، بل ان دليل الاستصحاب يخرج مورد جريانه عن ما لا يعلم حرمته ، ويدرجه في معلوم الحرمة ، ومعه كيف يتمسك بدليل حلية المجهول حكمه.
التنبيه الثاني : لا إشكال في حسن الاحتياط في الواجبات التوصلية ، فان
__________________
(١) الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية : ١ ـ ٢٨٥ ـ ٢٨٦.