فرضنا العلم بنجاسته أو نجاسة الآخر ، فلا يبقى إلّا الشك في حدوث نجاسة جديدة في الإناء الأبيض غير ما هو المتيقن بين الأحمر والإناء الآخر ، ومثل هذا مورد لأصالة الطهارة بلا معارض. وبالجملة العلم الإجمالي الثاني وان كان متأخرا زمانا إلّا أن المنكشف به بما أنه أمر سابق في الوجود فالعلم الإجمالي الأول لا يبقى على حاله ، بل ينحل بالعلم الثاني ، فيرجع الشك في نجاسة الإناء الأبيض إلى الشك البدوي. وانتظر لذلك ثمرة مهمة في بحث الملاقي للشبهة المحصورة.
التنبيه الخامس : لو كان الأثر في بعض أطراف العلم الإجمالي أكثر من البعض الآخر، فقد يكون بينهما قدر مشترك ، وقد لا يكون. اما القسم الثاني ، فلا إشكال في تنجيز العلم الإجمالي في الأطراف كلها ، فيجب ترتب الآثار المتباينة بأجمعها ، كما إذا علم بوجوب قراءة سورة ياسين أو سورة التوحيد في ليلة الجمعة بنذر ونحوه ، فان سورة ياسين وان كانت أكثر من سورة التوحيد إلّا انه لما لم يكن بينهما قدر مشترك ليكون هو المتيقن كان العلم الإجمالي منجزا بالنسبة إلى السورتين.
واما القسم الأول ، أعني به ما إذا كان بين الأطراف أثر مشترك مع اختصاص أحد الأطراف بأثر ، كما إذا علم إجمالا بوقوع نجاسة في الإناء الّذي فيه ماء مطلق أو في الإناء الآخر الّذي فيه مائع مضاف ، فان أثر النجاسة في كلا الطرفين هو حرمة الشرب ، فهذا هو الأثر المشترك ، لكن الماء المطلق يختص بأثر آخر وهو عدم جواز الوضوء به على تقدير وقوع النجاسة فيه ، فلو كانت النجاسة واقعة في المائع المضاف لا يترتب عليه إلّا حرمة شربه ، واما لو كانت واقعة في المطلق ترتب عليه حرمة الشرب وعدم جواز الوضوء به ، ففي تنجز هذا العلم الإجمالي من حيث جميع الآثار ، أو تنجزه من حيث الأثر المشترك فقط؟ وجهان. ذهب المحقق النائيني رحمهالله إلى الثاني (١) بدعوى : ان الأصل يتعارض في كل
__________________
(١) أجود التقريرات : ٢ ـ ٢٥٠.