المبحث الرابع :
الشك في المكلف به
اعلم ان التكليف المعلوم بالإجمال تارة : يتردد بين متباينين ، وأخرى : بين الأقل والأكثر. فالبحث يقع في مقامين.
المقام الأول : في دوران الأمر بين المتباينين. وقبل الشروع في تحقيق الحال لا بد من تقديم مقدمة : وهي ان احتمال التكليف الإلزامي سواء كان وجوبيا أو تحريميا مساوق في نفسه لاحتمال العقاب على مخالفته ، ومعه كان العقل مستقلا بلزوم التحرز عنه ، وهذا هو الملاك الوحيد في استقلال العقل بلزوم الإطاعة والتحرز عن المخالفة ، حتى في موارد العلم بالتكليف ، أو قيام الحجة عليه ، فان مخالفة التكليف الواصل لا تستلزم القطع بالمؤاخذة والعقاب عليها ، لاحتمال تلطف المولى سبحانه بالعفو والمغفرة ، أو تعقبها بالتوبة أو الشفاعة من النبي والأئمة عليهمالسلام ، وانما المحقق عند المخالفة هو احتمال العقاب ، وهو كاف في حكم العقل بالتنجيز ، فلا فرق في موارد التكاليف المعلومة والتكاليف المحتملة في ان حكم العقل بلزوم الإطاعة ناشئ من احتمال العقاب. نعم احتمال عدم العقاب في مخالفة التكليف المحتمل أقوى من احتماله عند مخالفة التكليف المعلوم ، إذ المفروض في مورد المخالفة المحتملة احتمال عدم التكليف في الواقع ، فلو صادفت المخالفة المحتملة خلو صفحة الواقع من التكليف كان عدم العقاب من جهة انتفاء الموضوع ، وهذا المعنى مفقود في مخالفة التكليف المعلوم.
وكيف كان فالعقل يستقل بقبح ارتكاب ما يحتمل فيه مخالفة الحكم الإلزامي