بجعل المكلف نفسه عاجزا عن تحصيله اختيارا ، فانه بناء عليه يقطع بفساد التيمم إذا وقع بعد الوضوء ، لعدم الأمر به ، اما لنجاسة التراب ، أو لتفويت المكلف شرط صحة التيمم اختيارا.
التنبيه الثاني عشر : ان ملاقي بعض أطراف الشبهة المحصورة هل يجري عليه حكم نفس الأطراف في وجوب الاجتناب عنه مطلقا ، أو لا يجري كذلك ، أو فيه تفصيل؟ وجوه بل أقوال. وقبل الخوض في ذلك لا بد من بيان امرين.
الأول : ان محل الكلام انما هو فيما إذا كانت الملاقاة مختصة ببعض الأطراف. واما إذا فرضنا ان كل واحد من الأطراف لاقى شيئا معينا فلا ينبغي الإشكال في وجوب الاجتناب عن الملاقيات ، كوجوب الاجتناب عن نفس الأطراف ، وذلك لعلم إجمالي آخر بوجود نجاسة بينها زائدا على النجاسة المعلومة في نفس الأطراف.
الثاني : ان تساقط الأصول المتوقف عليه تنجيز العلم الإجمالي انما يكون مع العلم بالموضوع التام للحكم ، كما هو الغالب في الشبهات الموضوعية. واما فيما لم يعلم إلّا جزء الموضوع فلا مانع من جريان الأصل ، والحكم بعدم تحقق تمام الموضوع عند الشك فيه ، مثلا جواز القصاص حكم مترتب على قتل المؤمن ، فموضوعه مركب من تحقق القتل وكون متعلقه مؤمنا ، فإذا علمنا إجمالا بكون أحد الشخصين مؤمنا محقون الدم ، فالعلم الإجمالي وان كان موجبا لتساقط الأصول في أطرافه ، فلا يجوز قتل كل منهما ، إلّا انه إذا قتل أحدهما فليس للحاكم أن يقتص من القاتل ، لعدم إحراز كونه قاتل مؤمن ، بل مقتضى الأصل عدم قتل المؤمن المترتب عليه القصاص. ومن هذا القبيل ما إذا علم كون أحد الجسدين ميت إنسان لم يغسل بعد ، فان هذا العلم الإجمالي وان كان يقتضي وجوب الاجتناب عن أكل كل من اللحمين ، إلّا انه إذا تحقق مس أحدهما لا يحكم فيه بوجوب الغسل ، لأنه حكم