المبحث الخامس :
حجية خبر الواحد
لا يخفى ان العلم الضروري بالاحكام الشرعية غير حاصل إلّا في أحكام كلية ، كوجوب الصلاة والصوم وأمثالهما ، والاخبار المقطوع صدورها اما للتواتر أو للقرائن القطعية قليلة جدا ، فغالب الأحكام انما تثبت باخبار الآحاد ، فالبحث عن حجيتها يكون من أهم المسائل الأصولية ، وبإثباتها ينفتح باب العلمي وينسد باب الانسداد ، وبعدمها تتم أقوى مقدماته ، فالإشكال في كون ذلك بحثا أصوليا مبنيا على حصر موضوع علم الأصول بخصوص الأدلة الأربعة في الحقيقة إشكال على حصر الموضوع بذلك ، إذ كون هذه المسألة أصولية من البديهي ، ولم يرد في بيان موضوع الأصول آية ولا رواية ، وما قيل في ذلك فروض وتصورات ، فلا بد وان يؤخذ عنوانا عاملا ليشمل جميع مسائل العلم.
وقد تصدى شيخنا الأنصاري رحمهالله لدفع الإشكال ، وجعل البحث عن حجية الخبر بحثا عن ثبوت السنة به ، فيكون من عوارضها.
وتقريب : ما أفاده (١) : ان العمل بالأخبار يتوقف على أمور ثلاثة : ثبوت الظهور وحجيته ، وأصل الصدور ، وجهة الصدور. اما الظهور وحجيته فقد تقدم الكلام فيه. واما جهة الصدور فتغنينا عن البحث عنه السيرة العقلائية القائمة على
__________________
(١) فرائد الأصول : ١ ـ ١٥٦ (ط. جامعة المدرسين).