أصلا ، فلا الخبر منزل منزلة القطع ، ولا مؤداه منزل منزلة الواقع ، بل المجعول هو تتميم الكشف ، وهو المبحوث عنه في المقام ، وليس ذلك إلّا من عوارض الخبر.
فالحق في الجواب ان ذلك الإشكال مبني على حصر موضوع الأصول في الأدلة الأربعة ، ولا وجه له ، بل الموضوع عنوان يعم جميع مسائله ، والإشارة الإجمالية إليه تغني عن تعيينه باسمه ورسمه ، هذا بناء على اعتبار وجود الموضوع لكل علم. واما بناء على عدم اعتبار ذلك ، وانه لا يلزم ان يكون لكل علم موضوع خاص كما هو الصحيح على ما عرفت في أول الكتاب ، فالإشكال مندفع من أصله.
وكيف كان اختلف العلماء الاعلام في حجية خبر الواحد ، فجملة من قدماء الأصحاب أنكروا ذلك أشد الإنكار ، حتى ألحقها بعضهم بالقياس ، وادعى الضرورة على ذلك. وذهب المتأخرون إلى حجيته.
واستدل المانعون بوجوه :
الوجه الأول : الإجماع على ذلك.
وفيه : أولا : ان دعوى الإجماع على عدم الحجية مع مخالفة المشهور في المسألة مقطوع الكذب.
وثانيا : كيف يمكن نفي حجية خبر الواحد بنقل الإجماع مع انه من افراد المبحوث عن حجيته في المقام ، إذ من عدم حجية الخبر يثبت عدم حجية الإجماع المنقول بالأولوية.
الوجه الثاني : الروايات الناهية عن العمل بغير العلم. وهي كثيرة متواترة إجمالا (١) ، وفي جملة منها المنع عن العمل بالخبر إذا لم يكن عليه شاهد أو شاهدان من كتاب الله أو من سنة نبيه ، والأمر بطرح ما خالف الكتاب ، ومن الواضح ان
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٨ ـ باب ٩ من أبواب صفات القاضي.