إشكال في جريان الاحتياط في العبادة.
وبالجملة الإشكال في جريان الاحتياط في العبادات انما يتجه لو كانت عبادية الواجب متوقفة على الإتيان به بقصد الأمر الجزمي ، وليس كذلك ، فانه يكفي في عبادية الشيء مجرد إضافته إلى المولى ، ومن الواضح ان الإتيان بالعمل برجاء المحبوبية من أحسن أنحاء الإضافة ، والحاكم بذلك هو العقل والعرف ، فلا فرق في إمكان الاحتياط بين العبادات وغيرها على جميع الأقوال.
بقي الكلام في أمرين :
الأول : أن أوامر الاحتياط هل هي كالأمر بالطاعة إرشادية إلى ما استقل به العقل ، فلا يترتب عليها سوى ما كان العقل مستقلا به من حسن الانقياد واستيفاء الواقع به ، أو أنها أوامر مولوية ، فيكون الاحتياط مستحبا كبقية المستحبات ، فإعادة الصلاة التي شك في صحتها مستحب شرعي وان كانت محكومة بالصحّة لقاعدة الفراغ ونحوها؟
الثاني : أنه بناء على أن تكون هذه الأوامر مولوية فهل هي في طول الأمر الواقعي ، فيلزم قصد الأمر الواقعي في مقام الاحتياط رجاء ، أو أنها في عرضه ، فيجوز قصد امتثال نفس تلك الأوامر ، كما هو الحال في ما إذا نذر الإتيان بواجب أو مستحب ، فانه يجزي قصد الأمر النذري ولو كان الآتي بالعمل غافلا عن الأمر الوجوبيّ أو الندبي المتعلق به؟
وبعبارة أخرى : أوامر الاحتياط هل هي متعلقة بذات العمل حتى يصح الإتيان به بداعي الأمر الاحتياطي ، أو أنها متعلقة بالعمل المأتي به بداعي الأمر الواقعي رجاء؟
أما الأمر الأول : فقد ذكر المحقق النائيني رحمهالله ما حاصله (١) : ان سياق جل
__________________
(١) فوائد الأصول : ٣ ـ ٣٩٨ ـ ٣٩٩.