تخصيصها بغيرها عقلا.
المسألة الثانية : في إمكان جعل الحكم الظاهري ولو في بعض الأطراف وعدمه. والمعروف بينهم انه لا مانع منه ثبوتا ، وانه يمكن ذلك في نفسه ، ومن ثم قالوا : ان العلم الإجمالي ليس علة تامة لوجوب الموافقة القطعية. وذهب المحقق صاحب الكفاية وبعض الأساطين من تلامذته إلى استحالة ذلك ، وما ذكر في وجه الاستحالة امران :
الأول : ما أفاده صاحب الكفاية (١) رحمهالله من انه لو أمكن جعل الحكم الظاهري في بعض الأطراف على خلاف الواقع لأمكن في الجميع ، كما انه لو امتنع جعله في الجميع امتنع في البعض ، فهما متلازمان إمكانا وامتناعا.
وملخص ما ذكره في هذا المقام : انه لا فرق بين العلم الإجمالي والعلم التفصيليّ في انكشاف الواقع بهما ، ومن حيث حجيتهما الذاتيّة غير القابلة للجعل ، فان كان بينهما فرق فانما هو من ناحية المعلوم نفسه لا من حيث الانكشاف ، بيان ذلك : ان المعلوم بالإجمال ربما لا يكون فعليا من تمام الجهات ، لأجل الاضطرار إلى بعض الأطراف ، أو الإكراه عليه ، أو خروجه عن محل الابتلاء ، أو لدخل الانكشاف التام في تمامية فعليته ، ففي مثل ذلك لا مانع من جعل حكم آخر على خلافه وان استلزم المخالفة القطعية ، لعدم التنافي بين الحكمين إذا لم يكونا فعليين من تمام الجهات. واما إذا فرض فعلية المعلوم بالإجمال ، وتحقق ما هو العلة التامة للبعث أو الزجر الفعلي امتنع جعل الحكم الظاهري على خلاف الواقع المنكشف في تمام الأطراف أو بعضه ، ضرورة استحالة الترخيص ولو احتمالا في مخالفة الحكم المنجز.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٢٠٨ ـ ٢١٥.