والحاصل : الحجية الفعلية بالمعنى المتقدم مقطوعة العدم بمجرد الشك فيها ، فالتعبد بعدمها يكون من أردأ أنحاء تحصيل الحاصل ، انتهى. وبهذا وجه كلام الشيخ قدسسره في المنع عن التمسك بالاستصحاب في أمثال المقام.
ونقول : ان ما يحكم به العقل بمجرد الشك في الحجية إنما هو عدم الحجية الفعلية ، وما هو مورد الاستصحاب عدم إنشاء الحجية ، فما هو حاصل بالوجدان غير ما يحصل بالتعبد ، فلا وجه للقول بكون التمسك بالاستصحاب في المقام من تحصيل الحاصل.
واما لغوية التعبد لدوران الأثر مدار الحجة الفعلية وجودا وعدما ، فالجواب عنه.
أولا : بالنقض بالروايات الدالة على المنع بالعمل ببعض الأمارات كالقياس ، وما دل على البراءة شرعا كحديث الرفع ، مع استقلال العقل بقبح العقاب بلا بيان.
وثانيا : بالحل ، وهو أنه متى كان حكم العقل في طول الحكم الشرعي؟! وفي فرض الشك فيه يصح للشارع أن يتصرف في موضوع الحكم العقلي ، ولا يكون ذلك لغوا ، فان الأثر الّذي كان يترتب على الشك والجهل بحكم العقل لو لا التعبد يترتب حينئذ على التعبد الشرعي ، ففي المقام العقل وان كان مستقلا بعدم جواز الاستناد إلى مشكوك الحجية ، وعدم جواز اسناد مؤداه إلى المولى ، ولكن ترتب ذلك عقلا على مشكوك الحجية كان منوطا بعدم التعبد الشرعي ، فإذا ثبت كان الأثر مترتبا عليه. فعلى التقديرين العقل في ذلك مستقل بعدم الحجية ، لكن على الأول بما انه مشكوك الحجية ، وعلى الثاني بما انه مقطوع العدم بلحاظ التعبد ، فلا يتجه إشكال اللغوية أيضا. فلا مانع من الرجوع إلى استصحاب عدم الحجية.
الجهة الخامسة : ما وقع التعبد به من الأمارات أمور. وتفصيل الكلام في ذلك يقع في مباحث :