المبحث الثالث :
دوران الأمر بين المحذورين
والمراد به دوران الفعل بين الوجوب والحرمة مع عدم احتمال اتصافه بغيرهما ، فانه مع احتمال ذلك يرجع فيه إلى البراءة لكونه شكا في التكليف الإلزامي ، بل هو أولى بجريان البراءة من الشبهة التحريمية أو الوجوبية المحضة ، لعدم جريان أدلة الاحتياط فيه ، لعدم إمكانه.
ثم انه يعتبر في محل النزاع ان لا يكون أحد الطرفين بخصوصه موردا للاستصحاب ، إذ عليه ينحل العلم الإجمالي ، ويجب العمل على طبق الاستصحاب بلا إشكال. وكيف كان يقع الكلام في دوران الأمر بين المحذورين في مقامين :
الأول : ما إذا كانت الواقعة واحدة غير متكررة.
الثاني : فيما إذا كانت متعددة.
والكلام في المقام الأول ، يقع تارة : فيما إذا لم يمكن المخالفة القطعية كما في التوصليات ، وأخرى : فيما إذا أمكن ذلك كما في العبادات على ما نتكلم فيه ، فالبحث يقع في مقامات ثلاثة :
المقام الأول : في دوران الأمر بين المحذورين في التوصليات مع وحدة الواقعة ، والأقوال فيه خمسة.
الأول : جريان البراءة عن كل منهما عقلا وشرعا.
الثاني : تقديم جانب الحرمة ، لكون دفع المفسدة أولى من جلب