العدل الواحد فيها ظهورا ووضوحا ، وان الوضوح فيها لا يكون إلا بشهادة عدلين.
ثم انه قد أشكل بعضهم على أصل حجية خبر الواحد بأمرين :
الأول : انه لو كان خبر الواحد حجة لزم قبول قول السيد المرتضى قدسسره الناقل للإجماع على عدم حجيته.
وفيه : أولا : ما تقدم من انّ حجية الخبر منحصرة بما إذا كان الاخبار مستندا إلى الحس لا إلى الحدس ، وخبر السيد حدسي.
وثانيا : ان نقله معارض بما حكاه الشيخ الطوسي من الإجماع على الحجية ، فيتعارضان ، وأدلة الحجية غير شاملة للمتعارضين.
وثالثا : انه يستحيل شمول دليل حجية الخبر لنقل السيد ، فانه يلزم من وجوده عدمه ، إذ لو كان خبر السيد حجة لزم عدم حجية كل خبر لا يفيد العلم ، وبما ان خبر السيد بنفسه خبر غير علمي لم يكن حجة ، فيلزم من حجية خبر السيد عدم حجيته.
وقد أورد على هذا الوجه بان اخبار السيد بعدم حجية خبر الواحد لا يشمل نفسه ، وذلك لأن المحكي بخبر السيد أعني به عدم حجية خبر الواحد في مرتبة سابقة على اخبار السيد ، ومن الظاهر ان عدم الحجية لو كان حكما لخبر السيد أيضا كان متأخرا عنه تأخر الحكم عن موضوعه ، وهذا خلف.
والجواب عنه : ان للأحكام الكلية إنشائية كانت أو إخبارية مقامين : مقام الجعل على الموضوعات المقدر وجودها ، ومقام الفعلية ، وهو الّذي يتوقف على فعلية الموضوع ، ويكون نسبة الموضوع إليه نسبة العلة إلى المعلول ، فان جعل الحكم بنحو القضية الحقيقية غير متوقف على وجود الموضوع خارجا ، كوجوب الحج المجعول على المستطيع ، والحرمة المجعولة للخمر ، ولو لم يكن في الخارج مستطيع ولا خمر ، وقد ذكرنا غير مرة ان كل قضية حقيقية تنحل إلى قضية شرطية مقدمها ثبوت الموضوع وتاليها ثبوت المحمول له ، فتأخر الحكم عن الموضوع انما يجري في