فقط فيما إذا ثبت بغير القطع من الطرق والأمارات ، ولكن قد عرفت انه لا يعتبر أن يكون بين الموضوعين عموم من وجه ، وبالالتزام بالتأكد في أمثال المقام يندفع إشكال اجتماع المثلين.
فالوجه الصحيح لعدم الحكم المولوي هو ما ذكرناه من أن الحكم العقلي إنما يستتبع الحكم المولوي إذا تعلق بما يكون واقعا في سلسلة علل الأحكام لا معلولاتها وإلّا لتسلسل كما عرفت.
التنبيه الثاني : ربما يتمسك لحرمة التجري بالإجماع من جهة اتفاقهم على أن سلوك طريق مظنون الضرر خصوصا إذا كان الضرر مما يجب التجنب عنه كتلف النّفس يكون معصية ولو انكشف الخلاف ، وهكذا الظان بضيق الوقت يجب عليه البدار ولو لم يبادر يكون عاصيا ولو انكشف بقاء الوقت ، فليس المعصية إلّا من جهة التجري.
وفيه : ما لا يخفى ، فانّ الظاهر انّ حرمة السلوك إنما هي من جهة ان خوف الضرر له موضوعية في نظر الشارع ، ولذا ليس فيه كشف خلاف أصلا ، وكذلك الظن بضيق الوقت ، فانّ المستفاد من قوله عليهالسلام في صحيحة الحلبي الواردة في الظهرين : «ان كان في وقت لا يخاف فوت إحداهما فليصلّ الظهر ثم ليصلّ العصر ، وإن خاف أن تفوته فليبدأ بالعصر» (١) هو أن خوف فوت الصلاة هو الموضوع لوجوب البدار ، وعليه فلا ارتباط بين المسألتين ومسألة التجري أصلا.
التنبيه الثالث : ربما يستدل لحرمة التجري بالروايات الواردة في ترتب العقاب على قصد السوء وانه يحاسب عليه (٢) ، وهناك روايات أخر دالة على عدم
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٣ ـ باب ٤ من أبواب المواقيت ، ح ١٨.
(٢) وسائل الشيعة : ١ ـ باب ٦ من أبواب مقدمة العبادات ، ح ٣.