اليقين بالشك» (١) يكون مأخوذا على وجه الطريقية والكاشفية ، لا بما انه صفة ، وإلّا لانسد باب الاستصحاب في موارد قيام الأمارة على تحقق شيء وطروء الشك في ارتفاعه ، واختل حكومة الأمارات على الاستصحاب.
ولا يخفى أنه بناء على القول بأن المجعول في الطرق والأمارات هو المنجزية والمعذرية كما هو مختار الكفاية يصعب الجواب عن هذا الإشكال ، ولو قلنا بأن اليقين في دليل الاستصحاب مأخوذ على وجه الكاشفية ، وذلك لأن الاستصحاب أيضا منجز ومعذر تعبدا كالأمارات ، ولا وجه لرفع اليد عن المنجز بمنجز آخر مثله ، وهذا بخلاف ما اخترناه من القول بأن المجعول هو الطريقية والكاشفية ، إذ عليه يرتفع الإشكال من أصله ، لأن الأمارة حينئذ تكون يقينا بالحكومة فيشمله أدلة الاستصحاب ، ويأتي تفصيل الكلام في بابه.
وكيف كان فالصحيح ان المجعول في الطرق والأمارات هو الطريقية والوسطية في الإثبات ، فتكون علما تعبدا ، ويترتب الواقع على مؤداها بما أنه محرز بالإحراز التعبدي لا بما أنه مجعول ويترتب آثار القطع عليها ، مثلا لو شك المأموم في الركعات مع حفظ الإمام لا بد له من المضي في صلاته كما لو كان عالما بالعدد ، لأن حفظ الإمام نزل منزلة علم المأموم ، وهذا هو سر تقدم الأمارات على الأصول ، وحيث أنها إحراز تعبدي يرتفع بها موضوع الأصول العملية الّذي هو الشك غايته تعبدا ، ولو لا ذلك لأشكل الجواب عن هذه الشبهة كما لا يخفى.
هذا تمام الكلام في قيام الطرق والأمارات مقام القطع.
وأما الأصول المحرزة وهي التي أخذ في موضوعها الشك وكانت ناظرة إلى الواقع ، مثل الاستصحاب وقاعدة التجاوز والفراغ بناء على عدم كونها من
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١ ـ باب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، ح ١.