له في محله.
وكيف كان فهذه الرواية تكون شاهدة للجمع الّذي ذكرناه ، وأما الجمع الّذي ذكره الشيخ قدسسره فلا شاهد عليه. ولا يخفى انه لا يحتمل في النبوي أن يكون لإرادة القتل خصوصية في الحرمة للقطع بعدم الفرق بين القتل وغيره من المعاصي من هذه الجهة ، فتأمل.
وعلى أي تقدير الاستدلال بما يدل على المؤاخذة على قصد المعصية ولو بعد الاشتغال بمقدماتها على حرمة التجري غير صحيح.
أما أولا : فلأنّ مورد النبوي المتقدم الّذي جعلناه شاهدا للجمع وخصصنا به ما دل على ثبوت المحاسبة والمؤاخذة على نية السوء من جهة كونه نصا في مورده إنما هو إرادة القتل الواقعي والاشتغال بمقدماته وعدم ارتداعه عنه بنفسه ، ولا ربط له بالحرام الخيالي أي ما يعتقده حراما.
وثانيا : لو سلمنا أن مورده أعم من ذلك ومن قصد الإتيان بما قطع بحرمته ، فليس في الروايات ما يدل على حرمة ذلك القصد ، بل غاية ما فيها انه يحاسب عليه أو يعاقب ، وهذا التعبير لا يدل على أزيد مما كان العقل مستقلا به من استحقاق المتجري للعقاب ، ولا يستفاد منها الحرمة المولوية.
التنبيه الرابع : ان صاحب الفصول (١) بعد ما سلم قبح التجري واستحقاق العقاب عليه أفاد ما حاصله : انّ قبح التجري لا يكون ذاتيا بل يختلف بالوجوه والاعتبار ، فإذا صادف الفعل المتجري به المعصية الواقعية كان فيه ملاكان للقبح ، ملاك التجري وملاك المعصية الواقعية ، فلا محالة يتداخل العقابان ، وقبح التجري في هذا الفرض يكون أشد وأكثر مما إذا كان الفعل المتجري به في الواقع مكروها ، كما انّ القبيح في هذا الفرض أيضا يكون أكثر مما إذا كان الفعل المتجري به مباحا ،
__________________
(١) الفصول الغروية : ٤٣١.