أدلة حجية خبر الواحد :
واستدل المثبتون بوجوه.
الاستدلال على حجية خبر الواحد بالآيات :
الوجه الأول : الاستدلال بالآيات المباركة.
منها : آية النبأ ، وهي قوله عزّ شأنه (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ)(١) وتقريب الاستدلال بها من جهات.
الأولى : مفهوم الوصف ، حيث انه سبحانه أوجب التبين عن خبر الفاسق ، فلا يجب في غيره ، ومن الواضح ان وجوب التبين عنه غيري مقدمة للعمل لا نفسي ، وعليه فمفهوم الوصف في الآية عدم لزوم التبين عن خبر غير الفاسق في مقام العمل ، فيعمل به من غير تثبت وتبين.
وفيه : انه ليس للوصف ظهور في المفهوم كما مر بيانه في بحث المفاهيم ، خصوصا في الوصف غير المعتمد على الموصوف ، فانه نظير العناوين الذاتيّة كزيدية زيد ، فكما لا مفهوم فيما علق الحكم على العنوان الذاتي مثل «أكرم زيدا» ، كذلك لو علق الحكم على الوصف غير المعتمد مثل «أكرم عالما» فان في كل من الجملتين علق الحكم على الذات ، غاية الأمر في إحداهما : بالعنوان الاشتقاقي ، وفي الأخرى : بالجامد الذاتي.
الثانية : ما أفاده شيخنا الأنصاري رحمهالله وحاصله (٢) : ان في خبر الفاسق حيثيتين ، حيثية ذاتية ، وهي كونه خبر واحد ، وحيثية عرضية وهي كونه خبر فاسق ، وقد علق وجوب التبين على العنوان العرضي ، ولو لم يكن علة للحكم لكان العدول عن الأمر الذاتي إلى العرضي قبيحا ، وخارجا عن طريق المحاورة ، نظير
__________________
(١) الحجرات : ٦.
(٢) فرائد الأصول : ١ ـ ١٦٤ ـ ١٦٥ (ط. جامعة المدرسين).