حجية الخبر في حد نفسه. ومضافا إلى جميع ما ذكر ان المعارضة بين بعض تلك الطائفة وبين أدلة حجية الخبر تكون بنحو الإطلاق والتقييد ، فان المنع عن الاعتماد على ما لا شاهد عليه من الكتاب مطلق ، يعم الخبر وغير الخبر ، والموثق وغير الموثق ، ودليل حجية الخبر الموثق أخص من ذلك ، فيقيدها لا محالة ، فنتيجة الجمع حرمة الأخذ بما ليس له شاهد من القرآن إلّا خبر الثقة.
الوجه الثالث : الآيات مثل قوله تعالى (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١).
وقوله سبحانه (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)(٢).
وفيه : ان أدلة حجية الخبر حاكمة على الآيات ، نظير البينة وقول ذي اليد ، ومع التنزل عن ذلك فالمعارضة بين الآيات وأدلة حجية الخبر بالعموم والخصوص ، فان الآيات شاملة لخبر العدل وغيره ، والوارد في أصول الدين وفروعه ، بخلاف دليل حجية الخبر.
ثم ان المحقق النائيني رحمهالله ذكر ان في خبر الواحد اصطلاحين (٣) : أحدهما : ما قابل المتواتر والمحفوف بالقرائن القطعية ، وهو بهذا المعنى محل البحث ، وثانيهما : الخبر الضعيف غير الموثق. وبهذا جمع بين كلام المنكر لحجيته والمثبت لها ، وادعى ان من أنكر العمل بخبر الواحد ناظر إلى الضعيف غير الموثوق به ، واما خبر العادل فلا خلاف في حجيته. ويشهد لتعدد الاصطلاح ان الشيخ الطوسي رحمهالله مع انه ممن يعمل بخبر الواحد قال في مسألة تعارض الروايتين ورجحان أحدهما على الآخر ، ان المرجوح لا يعمل به ، لأنه خبر الواحد ، وعلى هذا فتكون حجية خبر الواحد إجماعيا.
__________________
(١) الإسراء : ٣٦.
(٢) يونس : ٣٦.
(٣) أجود التقريرات : ٢ ـ ١٠٣.