البيع ، فانه الموجب للضرر ، واما الحكم باللزوم فلا ضرر فيه بنفسه ، بل هو حكم بالالتزام بالضرر وإبقاء له ، كما أن الخيار حكم بتدارك الضرر ورفعه ، ولا يستفاد من الحديث إلّا نفي الحكم الضرري ، لا ثبوت التدارك له بعد تحققه ، بل المدرك للخيار في مورد الشفعة الروايات الخاصة الواردة فيه ، وفي مورد الغبن تخلف الشرط الارتكازي الثابت في المعاملات العقلائية من تساوي العوضين من حيث المالية ، ليكون التبديل واردا على شخصيهما مع التحفظ على المالية ، فإذا فرضنا أن المالية لم تكن محفوظة لنقصان أحدهما عن الآخر في القيمة ثبت الخيار لتخلف الشرط ، وتفصيل الكلام في محله. وقد مر أن ذكر حديث لا ضرر متصلا بقضاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالشفعة في رواية عقبة ابن خالد انما هو من قبيل الجمع في الرواية لا في المروي ، ولو سلم كونه من باب التطبيق والجمع في المروي لزم الحكم بكونه من باب الحكمة دون العلة. وكيف كان لا ينبغي الشك في ان الاعتبار في غير مورد النص بالضرر الشخصي دون النوعيّ.
التنبيه الثالث : ذكر الشيخ الأنصاري قدسسره أن كثرة التخصيصات الواردة على قاعدة نفي الضرر موهنة للتمسك بها في غير الموارد المنصوصة ، فان الخارج من عمومها يعادل أضعاف ما بقي تحته (١) توضيح ذلك : أن الأحكام المجعولة في أبواب الحدود والدّيات والقصاص والتعزيرات والضمانات كلها ضررية ، كما أن تشريع الخمس والزكاة والحج والجهاد كذلك ، مع أنها مجعولة بالضرورة ، ومن هذا القبيل الحكم بنجاسة ملاقي النجاسة فيما كان مسقطا لماليته أو منقصا لها ، مع أنه ثابت بلا إشكال ، وعليه فلا مناص من الالتزام بكون الضرر المنفي في الشريعة ضررا خاصا غير شامل لهذه الموارد ، ولازم ذلك هو الالتزام بكون مدلول الحديث مجملا غير
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ ـ ٥٣٧ (ط. جامعة المدرسين).